للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال عمر: يا ابن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقول هذا الشعر؟ فقال: خلِّ عنه يا عمر فوالذي نفسي بيده لكلامه عليهم أشد من وقع النبل. وفي الزهد لأحمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة".

[سيدنا خالد بن الوليد (رضي الله عنه)]

هو أبو الوليد خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرة أسلم على الأصح سنة سبع لم يشهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ما كان بعد الفتح، كان موصوفاً في قومه بالشجاعة محبباً فيهم مقدماً عندهم بالحروب موفقاً للنصر عارفاً بأحوال الحرب، شهد وقعة مؤتة المذكورة آنفاً وأخذ الراية بعدما استشهد أمراء ثلاثة قبله وأبلى فيها البلاء الحسن حتى اندق يومئذ في يده سبعة أسياف، ثم ما زال يدافع القوم حتى انحازوا عنه ثم عاد بجيشي المسلمين. وفي هذه الوقعة سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيفاً من سيوف الله. له رواية في الصحيحين وغيرهما، وشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشاهد ظهرت فيها نجابته، وهو الذي أخضع أهل الردة، وقتل مسيلمة الكذاب ومن أبى من دفع الزكاة وكان على يده فتوح الكثير من البلاد الكبار بالعراق والشام وكان له بعد من جميل الأثر ما رأيت في فضائل أبي بكر وكان فتحه للعراق تمهيداً إلى تدويخ فارس وإدالة دولة الأكاسرة، وقد كانت أعظم الدول حينئذ شأناً وأرقاها مكاناً إلا أنها بلغت من الكبر عتياً ومن فشل السياسة مكاناً قصياً فجاءها جند الإِسلام بادي الشباب ناعم الأعصاب فأسس ملكه الجديد. وكانت حروب العراق أيام خالد أشد ما لقي المسلمون من حرب الفرس لاجتماع قبائل العرب بالعراق وجند فارس على حرب المسلمين، وبعدما تم له ذلك الفتح أمره أبو بكر بالمسير إلى الشام فسار وحصل له من الفتح هناك ما قد علم. قال بعض المؤرخين: قلّ أن يوجد فارس في العالم يوفق للنصر في كل واقعة كما وفق خالد رضي الله عنه فإن التاريخ لم ينبئن عن انخذاله ولا في وقعة واحدة من وقائعه مع أهل الردة أو في العراق أو في الشام وهذا إنما هو من نتائج الحزم والشجاعة والبصيرة بأمور الحرب. وقد علمت كيف فلّ جموع الروم في اليرموك وكشف عن المسلمين سحب الضيق والحيرة منذ سلّموا قيادتهم له مع أن فيهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>