قلت: القصر الكبير متركب من قصور ثلاثة على الوصف الذي تقدم نقله عن الشيخ محمد بن يوسف ولم ينقص منه إلا القباب وله بابان قبليا المفتح واحد مفتحه في صحن الجامع الكبير الذي هو الآن مطموس والآخر هو مدخل القصر.
وبالمنستير قصران غير القصر الكبير أثبتهما بعض المؤرخين.
أحدهما: يعرف بقصر السيدة وقبرها بمقصورة بمسجد يعرف بالسيدة يزار إلى هذا الوقت أما القصر فلم يبق له أثر ومحله الآن دور بعض بيوتها عتيق جداً باقية على حالها إلى الآن ومن مشمولاته مسجد يشبه في البناء والقدم مسجد السيدة به مغارة تحت الأرض ومقصورة بها قبر والأقرب أنه قبر بعض ملوك صنهاجة ويعرف هذا القبر بسيدي عامر يزار حتى الآن. حكى لي شيخ مسن أنه يسمع سماعاً فاشياً أنه كان وقع شروع في حفر حذو القبر فإذا بنداء من القبر يقول: عامر عامر فمن ذلك الوقت عرف بسيدي عامر ومن مشمولاته أيضاً مسجد يشبه في البناء والقدم مسجد السيدة يعرف هذا المسجد بمسجد الرز والأقرب أنه حرف وأصله المعز ومن مشمولاته أيضاً قبة فيها قبر أبي الحسن علي السراج ويعرف الآن بسيدي السراج يزار.
ثانيهما: القصر الذي به الزاولة المعروفة بسيدي ذويب وفيها قبر معروف به يقال إنه من بيت ملوك بني الأغلب وفيها مسجد عتيق يظهر أنه أقدم من مسجد السيدة ولم يبق من هذا القصر إلا هاته الزاوية وباقيه هو الآن دور وهذان القصران والقصر الكبير ودور تعرف بالزريبة كانت مسورة بسور لم يبق له أثر إلا من الجهة الشرقية فلم يزل قائماً إلى هذا العهد وكان بين هذين القصرين داموس تحت الأرض ممتد إلى الجهة الغربية لا يعرف له حد وبعض الدور مواجلها مقتطعة منه.
[عود إلى الكلام على القصر الكبير]
قال الشيخ مقديش: وقف لمصالح المرابطين جميع الأراضي المتصلة بالقصر لمرعى الدواب والزراعة لمن يروم ذلك وغرست جنات عظيمة بكل مثمر، وكانت بساتين قصر الرباط قشمل آلافاً من تلك الأراضي ينتفع بها أهل الرباط جميعاً لا فضل لأحدهم على الآخر، وكان معظم غزاة البحر يركبون منه وقد أحدث العرب عند قصر الرباط مدينة لها عمران عظيم وجنات وزياتين بكيفية عجيبة حتى كانت مدينة المهذية في عنفوان عمرانها وسطوة ملكها وقت الخلفاء العبيديين وملوك صنهاجة عالة على المنستير فيما تحتاجه من الثمار والفواكه وغير ذلك.