في حسن البيان نقلاً عن حاوي البرزلي بعد نقل جواب الإمام المازري عن مخازن بالمسنتير بالقصر الكبير مملوءة قمحاً وشعيراً لرجال مقيمين بالقصر ولآخرين غيب وعن زوار يغلقون مخازنهم ويخرجون فيقيمون شهرين ونحوهما وعمن له بيت بالقصر وهو يبيت خارجه ويأخذ من المعروف مثل من يبيت بالقصر وعن قوم من المرابطين بأيديهم من الأراضي أكثر مما بيد غيرهم وعن قوم غرسوا غراسة بأرض المنستير ما الحكم فيها؟ وهل إن من حقوق الغارس أن لا يخرج من يده ما غرس في حياته وهل يكون للناظر في ذلك إخراجها من يده في حال دون حال أو لا يكون له ذلك؟ وهل يورث عنه من الغرس ما غرسه؟
قال بعد نقل جواب الإمام عن هذا السؤال ما نصه: دخلتُ رباط المنستير في حدود عام ستين وسبعمائة فرأيته محفوظاً لا تدخله الناس، وكانت أحباسه محفوظة، وكان العرب لا يتعرضونه إلا بخير في دنياهم. ثم بعد ذلك جرت أمور على ما سمعت من تعرض العرب للحبس والدور وثمرات القصر ووقع الانتقاض منهم في المال والرجال وافتتن أهلها مع العرب حتى أدى الأمر إلى تلاشي غرسها ورحيل أهلها حتى صارت الآن لأمير المؤمنين فهي الآن على ما سمعت في عز وعافية، وعادة الله أن قصر الرباط لا يتحمل التخليط بوجه فمتى حدث فيه ذلك عوقبوا، وأما بقية غرسها وبياضها فهم اليوم يملكونه ولا أدري هل توصلوا إليه بحق أو هو كما قال الإمام فعلى هذا في أكل ثمار الموضع نظر إذ هو حبس إلا أن يكون جاء بقصد الرباط فيستحقه من هذه الحيثية، وكذلك تملك رباع البلد الدائرة بالقصر وجميع ما حوله من الأراضي مما ينسب إلى المنستير الذي يسمى القرطين وهو جميع دخلة القصر منسوب إليه انتهى حسن البيان. قلت: جواب الإمام عن السؤال طويل الذيل اشتمل على فوائد كثيرة نقله الونشريسي في معياره بنصه والقرطين مكان بعيد عن المنستير بنحو ثلاثة أميال أراضيه خصبة وقع الاعتناء بغراستها وزراعتها منذ عهد قديم وبها آبار كثيرة ودور اندثرت ومسجد لم يزل قائماً إلى هذا الوقت.
أول من تولى النظر على هذا القصر الأمير أحمد أحد ملوك بني الأغلب حين امتلأ القصر بالمرابطين وأجرى عليهم ما يلزم من النفقة وقد بلغ عدد المرابطين به في مدة سعدون الخولاني شيخ القصر المترجم له في الطبقة السابعة زهاء أربعة آلاف مرابط بين عالم وزاهد وصالح، وكانت ملوك الشيعة تخشاه ولما ضاق القصر على سكانه أضيفت الأراضي التي حوله حتى القرطين للقصر فبنى المرابطون دوراً حوله وغرسوا الأراضي التابعة له للانتفاع بها، وأول دور بنيت هي الدور المعروفة بالزريبة وكانت قليلة في زمن سحنون ولذا قال: إن إقامة الجمعة لا تجب على