قال علي بن المديني: أشد التصحيف ما يقع في الأسماء ووجهه بعضهم بأنه شيء لا يدخله القياس ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده ولأنه يخشى أن يظن الشخصان شخصاً واحداً إذا اتفقت الأسماء وفي ذلك ما فيه من الخلط بين الرواة.
ولقد ألّف المحدثون في كل هذه الأنواع فصنف في النوع الأول أبو أحمد العسكري لكنه أضافه إلى كتاب التصحيف له ثم أفرده بالتأليف عبد الغني بن سعيد المتوفى سنة ٤٠٦ هـ فجمع فيه كتابين كتاباً في مشتبه الأسماء وكتاباً في مشتبه النسبة وجمع شيخه الحافظ الدارقطني كتاباً حافلاً ثم جمع أحمد بن علي الخطيب ذيلاً سماه المؤتلف تكملة المختلف ثم جمع الجميع أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا في كتاب حافل سماه الإكمال واستدرك عليهم ما فاتهم في كتاب آخر جمع فيه أوهامهم وبيّنها وكتابه عمدة كل محدث بعده وقد استدرك عليه محمَّد بن عبد الغني المعروف بابن نقطة ما فاته أو تجدد بعده في مجلد ضخم ثم ذيّل عليه منصور بن سليم في مجلد لطيف وأبو محمَّد بن علي الدمشقي وذيّل على ذيلهما علاء الدين بن مغلطاي لكن أكثره في أسماء الشعراء وأنساب العرب وقد جمع الذهبي في ذلك كتاباً مختصراً جداً اعتمد فيه على الضبط بالقلم فأكثر فيه الغلط والتصحيف المباين لموضوع الكتاب وقد وضحه الحافظ ابن حجر في كتابه تبصير المنتبه بتحرير المشتبه وهو مجلد ضبطه بالحروف وزاد عليه شيئاً كثيراً مما أهمله الذهبي أو لم يقف عليه وألّف فيه أيضاً جماعة غير مَن ذكر.
وممن ألّف في النوع الثاني أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في كتابه المتفق والمفترق وكذلك ألف الخطيب في النوع الثالث في كتابه تلخيص المتشابه ثم ذيّل عليه هـ أيضاً بما فاته وهو كثير الفائدة.
[علم ناسخ الحديث ومنسوخه]
١٨٢٥ - إذا سلم الحديث المقبول من المعارضة سمي محكماً وإن عورض بمثله وأمكن الجمع بين المتعارضين بلا تعسف فذلك مختلف الحديث وإن لم يمكن الجمع وثبت تأخر أحدهما فالمتأخر يقال له الناسخ والمتقدم يطلق عليه المنسوخ.
وقد ألّف في ناسخ الحديث ومنسوخه جمع كثير منهم أحمد بن إسحاق الديناري ومحمد بن بحر الأصبهاني وأحمد بن محمَّد النحاس وقاسم بن أصبغ ومحمد بن عثمان المعروف بالجعد الشيباني وهبة الله بن سلامة ومحمد بن موسى الحازمي في كتابه الاعتبار وعمر بن شاهين وقد اختصر كتابه إبراهيم بن علي المعروف بابن عبد الحق في مجلد.