ابن بكير وموطأ أبي مصعب وموطأ ابن وهب ثم ضعف الاستعمال في الأخيرين وبين الروايات اختلاف كثير من تقديم وتأخير وزيادة ونقص ومن الموطآت المشهورة المشروحة موطأ الإِمام محمَّد بن الحسن الشيباني.
[شروح الموطأ ومختصراته]
١٧٩٠ - ممن شرح الموطأ عبد الملك بن حبيب وصنف الحافظ ابن عبد البر كتاباً سماه التقصي لحديث الموطأ وله كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد قال ابن حزم: هو كتاب في الفقه والحديث ولا أعلم نظيره وشرحه أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد النحوي البطليوسي وأبو بكر بن العربي وسماه القبس ومما جاء فيه في وصف الموطأ هذا أول كتاب ألف في شرائع الإِسلام وهو آخره لأنه لم يؤلف مثله إذ بناه مالك رحمه الله على تمهيد الأصول للفروع ونبّه فيه على معظم أصول الفقه التي ترجع إليه في مسائله وفروعه.
وللموطأ مختصرات كثيرة فمنها مختصر الإِمام الخطابي أحمد بن محمَّد البستي ومختصر أبي الوليد الباجي وممن ألّف في شرح غريبه البرقي وأحمد بن عمران الأخفش وأبو القاسم العثماني المصري وممن ألّف في رجاله القاضي أبو عبد الله الحذاء وابن مفرج والبرقي وأبو عمر الطلمنكي وألّف القاضي إسماعيل شواهد الموطأ وألّف أبو الحسن الدارقطني كتاب اختلاف الموطات وأبو الوليد الباجىِ ولأبي بكر بن حبيب أطراف الموطأ وغير هذا كثير جداً.
وكأني بك أيها القارئ وقد رأيت تلك العناية الفائقة بكتاب من كتب السنة فقد أكبرت الحديث وشأنه وعرفت لهذا الدين متانته وفضله ورفعت من شأو المحدثين وعلماء المسلمين إذ تعبوا لتستريح وغرسوا لتجني فاقتطف من ثمار ما بذروا وقيل رب اجزهم أحسن ما كانوا يعملون.
[الدور الثالث إفراد الحديث بالتأليف في مبدأ القرن الثالث]
١٧٩١ - في أول هذا القرن أخذ رواة الحديث في جمعه طريقة غير التي سلفت فبعد أن كانوا يجمعونه ممزوجاً بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين أخذوا يفردونه بالجمع والتأليف ثم من أئمة الحديث من جمع في مصنفه كل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير مييز بين صحيح وسقيم ومنهم من أفرد الصحيح بالجمع