يحد سوريا شمالاً ولاية أدنه -أي كيليكيا- من آسيا الصغرى وشرقاً الفرات والبادية وجنوباً جزء من بلاد العرب ويقال له تنبيه بني إسرائيل وغرباً البحر المتوسط وقد قام في هذا القطر حكومات كثيرة تعددت بتعدد الأقوام القاطنين فيه كالفينيقيين والحثيين والآشوريين والكنعانيين وغيرهم من الشعوب ثم رحل إليه بنو إسرائيل من مصر وزاحموا سكان البلاد وأخذوا قسماً عظيماً منه وغزاه كثير من الدول القديمة كدولة الفراعنة المصريين والماديين والفرس والرومانيين واليونانيين وعرب الإسلام ولم تثبت فيه قدم دولة من الدول الفاتحة كما ثبتت دولة الرومانيين ودولة الإسلام فقد كان ابتداء دولة الرومان من سنة ٦٥ قبل المسيح إلى سنة ٦٣٣ م حيث ابتدأ الفتح الإِسلامي في البلاد السورية وكانت نهايته سنة ٦٣٨ م أو سنة ١٧ هـ وفيها تقلص ظل الروم عن هذا القطر وكان على عهد الرومانيين مقسوماً إلى ثلاثة أقسام كبيرة وهي: فلسطين وتوابعها، وأنطاكية وتوابعها، ودمشق وتوابعها، وكان القسم الشمالي منه يسمى سورية والجنوبي يسمى فلسطين فأطلق عليه اسم سورية منذ تملكه الرومان ولما تملكه الإِسلام أطلقوا عليه اسم الشام وقسمه عمر إلى أربعة أقسام:
الأول: قسم الثغور وهي حمص وقنسرين وحلب وأنطاكية وقاعدته حمص.
والثاني: دمشق.
والثالث: الأردن وحاضرته طبرية.
والرابع: فلسطين، وهذا ينقسم إلى قسمين قسم حاضرته الرملة وقسم حاضرته إيليا -أي القدس-.
[انتداب عمر رضي الله عنه لفتح العراق وفارس]
اعلم أن عمر أول عمل قام به أيضاً انتداب الناس لحرب الفرس وذلك أن المثنى بن حارثة رضي الله عنه كان منذ وفوده على أبي بكر رضي الله عنه في أول خلافته يهون عليه أمر الفرس حتى ولاه قتالهم ثم ولى خالداً فقاتل تحت رايته ثم لما سافر خالد إلى الشام وبقي المثنى أميراً على ما وقع فتحه من العراق دفعه الإقدام إلى أن يتوسع في الفتح ويرمي بسهم المسلمين مملكة الأكاسرة ويدوخ ذلك الملك العريض فوفد على أبي بكر رضي الله عنه في حال مرضه ففاوضه في أمر الهجوم على فارس إلا أن أبا بكر رضي الله عنه لم يسعه إجابة مطلبه لمرضه وأوصى عمر أن يندب الناس بعد توليته الخلافة مع المثنى، وفي صبيحة الليلة التي