أن أرسل إلى أبي موسى الأشعري وقد شدد في العقوبة على بعضهم يهدده بالعقاب إذا عاد إلى مثلها.
لما انتهى فتح دمشق أخذ أمراء الأجناد في فتح بقية الشام قرية قرية ومدينة مدينة كعجلون وبيسان وطبرية ومرج الروم وحمص وبعلبك وبيروت وأجنادين وغزة ونابلس وبيت جبرين وإيليا -أي بيت المقدس-. والذي عقد الصلح مع أهل بيت المقدس الخليفة عمر رضي الله عنه قدم بطلب من الأهالي وصلّى الصبح ببيت المقدس وعقد الصلح بنفسه إجابة لمطلبهم ثم وقع فتح حماه واللاذقية وقنسرين وأنطاكية وغيرها من البلاد السورية وتم هذا الفتح بعد حروب طويلة استمرت ثلاث سنين ولاقى جند المسلمين في غضونها من العناء أشده وبذلوا من الدماء ما جعل ثمن هذه البلاد غالياً ومقامها في نظرهم عالياً وكان لرجالات قريش وأشرافها في حرب الشام خاصة من الأثر العظيم والبلاء الجسيم ما لم يكن لقوم غيرهم في الفتوحات الأخرى وقتل منهم عدد كثير لا سيما في وقعة اليرموك وممن قتل منهم عكرمة بن أبي جهل وابنه وخالد بن سعيد وهشام بن العاص وسهيل بن عمرو وأبان بن سعيد وأضرابهم من صناديد قريش وأشرافها وكان للنساء القرشيات من النبلاء ما كان للرجال. روى الطبراني أن النساء المسلمات قاتلن يوم اليرموك وخرجت جويرية ابنة أبي سفيان وهند بنت عتبة أم معاوية بن أبي سفيان وبالجملة فقد لاقى المسلمون أشد الأهوال وصادموا عدواً استمات في حوزة الدفاع عن حوزته والذب عن سلطانه.
القواد الذين حضروا هاته الفتوحات وهم من أنجاد قريش وسادتها وممن كان له البلاء الحسن خالد بن الوليد وأبو عبيدة وخالد بن سعيد وعمرو بن العاص ويزيد ومعاوية ووالدهما أبو سفيان وحبيب بن مسلمة وعياض بن غنم وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وأبان بن سعيد والذين هم من غير قريش فذو الكلاع الحميري وشرحبيل ابن حسنة والقعقاع بن عمرو والسمط بن الأسود الكندي وعلقمة بن مجزز وعلقمة بن حكيم وعبادة بن الصامت ومالك بن الأشتر النخعي وأبو أيوب المالكي ومعاذ بن جبل وغيرهم وقد كان لهم حسن ترتيب للجيوش وإلمام بطرق البلاد وتفنن بأساليب الحرب وكان الخليفة وهو بالمدينة يصدر أوامره للأمراء كيف يسيرون وأي المسالك يسلكون وأي البلاد يقصدون كأنما ينظر إلى القطر على خريطة مصورة بين يديه.