المذهب الحنفي في الظهور بعد انقطاعه من مدة المعز الصنهاجي حسبما تقدمت الإشارة إلى ذلك في ترجمته.
تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء أبو الفضل عظوم وأبو النجاة النفاتي وأبو الغيث القشاش وأبو الحسن الرصاع وتاج العارفين البكري.
[الطبقة الثانية والعشرون]
لما توفي مراد باشا المذكور سنة ١٠٤١ هـ قام مقامه ابنه حمودة باشا فمهد الأمور ورتبها أحسن ترتيب وكان كريماً حسن السيرة والتدبير محباً للعلماء مقرباً لهم مؤثراً مجالستهم ومباحثتهم شجاعاً قمع الثوار ودوّخ جميع العرب ورتب أوجاق الصبايحية بتونس والقيروان وباجة والكاف لتأمين السبل واتسعت الجباية وله مآثر مأثورة وآثار ضخمة مشهورة منها بناؤه الجامع المشهور قرب ضريح الشيخ أحمد بن عروس ومنارته الغريبة الشكل العجيبة الإنشاء لا نظير لها في المغرب ومنها المستشفى بحومة العزاقين واعتنى بتشييد باردو أحد منتزهات بني أبي حفص وطلب من الدولة العلية تقليد منصب الباشا فأتاه سنة ١٠٦٨هـ ونزل عن سفر الإمحال لابنه مراد واستخلفه مكانه وعقد لابنه محمَّد الحفصي على القيروان وسوسة والمنستير وصفاقس وعقد لابنه حسن على باجة وفي آخر الأمر طلب الاستعفاء فأعفي ومال للراحة وتخلى عن البلاد لأولاده إلى أن توفي في شوال سنة ١٠٧٦ هـ ومن شعرائه أبو عبد الله محمَّد العروي السوسي وله فيه القصائد الطنانة وكان أديب وقته وشاعره من غير مدافع وله ابن نجيب قدمه والده في حياته للفتيا وكان يروي البخاري بحضرة والده لمجلس الباشا والحاصل أن هذا الباشا حسنة من حسنات الزمان وهو المؤسس المجد لبنيه والآثار الخالدة بعده ولما توفي استقل بالأمر بعده ابنه مراد باي المذكور وانفرد بالكلمة واستقام أمره وضعف أمر الدايات في وقته وصاروا أتباعاً له وسنذكر أسماء الدايات في فصل خاص. ومن مآثره المدرسة المنسوبة له غربي الجامع الأعظم وأول مدرس أقيم بها الشيخ محمَّد الغماد وتوفي سنة ١٠٨٦ هـ وبويع لابنه الأكبر محمَّد ثم إن عمه محمَّد الحصفي أغرى أخاه علياً بطلب المشاركة فأصغى له وطلبها فأنف محمَّد من ذلك ولهذا الخلاف اتفق الأعيان على أن يكون الأمير العم محمَّد الحفصي وبايعوه بعد خلع محمَّد المذكور وفراره للكلف وذلك في رجب من السنة ١٠٨٦هـ ونفذت أوامره بعد ذلك ثم اضطرب أمره وأشهد على نفسه بالخلع وراسل محمداً بذلك وقدم الحاضرة وجددت له البيعة بباردو في شوال من السنة وتوجه العم بعد ذلك للآستانة وأما علي فإنه توجه لقسنطينة وأخذ