أبو شداد زهير بن قيس البلوي يقال له صحبة كان من العابدين الصالحين ومن رجال الكمال. شهد فتح مصر ولما تولى عبد الملك وبلغه ما فعله كسيلة بعقبة وغيره بعث لزهير وهو ببرقة بالتوجه لإفريقية واستنقاذها من كسيلة سنة ٦٩ هـ وبعد انتصاره وقتله كسيلة خاف الفتنة بحصول ذلك الملك، رجع للشرق ولما بلغ برقة لقي الروم في عدد قليل فقاتل حتى قتل شهيداً هو ومَن معه في خبر يأتي ذكره قريباً.
فقد تم لإفريقية بدخول هؤلاء السادة الفضلاء القادة مزيد الاعتبار والافتخار على كثير من الأمصار والأقطار وأول مدينة أسسوها القيروان وبها كرسي المملكة وصارت مناخ الأبرار من الصحابة والتابعين ومقر الأخيار من الأمراء والعلماء العاملين ومنها وقع تجنيد العساكر المحمدية ونشر الملة الأحمدية عليه أفضل الصلاة وأزكى التحية إلى سائر الجهات الغربية الأندلس والسودان والصحراء وستعلم ذلك.
[جغرافية المغرب أي إفريقية الشمالية الغربية]
يحدها من الشمال الأوقيانوس الأطلانتيك ومضيق جبل طارق والبحر المثوسط وشرقاً بلاد مصر والبحر المتوسط أيضاً وجنوباً الصحراء الكبيرة وغرباً الأوقيانوس وكانت تنقسم في صدر الإِسلام إلى ثلاثة أقسام كبرى المغرب الأقصى وقاعدتها فاس ومراكش والمغرب الأوسط وهي المعروفة بالجزائر وقاعدتها تلمسان ومدينة الجزائر على البحر المتوسط والمغرب الأدنى وهي ولاية طرابلس وتونس وكانت قاعدتها القيروان بالقرب من تونس أما المغرب الأقصى فهو الآن تحت حماية دولة فرنسا وينقسم إلى أقسام فاس ومراكش ودرعة وتافيلات والرباط وسلا على شواطىء الأوقيانوس الأطلانتيك والسوس ومن جبالها درن وغمارة ومديونة ويحده قسم كبير يعرف بالريف تحت حماية دولة إسبانيا ومن مدنه تطاون وسبتة ومليلة وطنجة على ساحل البحر المتوسط وأما الجزائر وهي المغرب المتوسط فتنقسم إلى ثلاثة أقسام كبرى وهي الجزائر ووهران وقسنطينة وهي متابعة لدولة فرنسا ومن مدنها الشهيرة بجاية وعنابة أو بونة ووهران ومستغانم وهي على البحر المتوسط.
وأما المغرب الأدنى سمي بذلك لقربه من مقر الخلافة بالمشرق وفيها ولايتا طرابلس وتونس وكانت قاعدتها القيروان بالقرب من تونس وأشهر مدنه طرابلس وبرقة وبنغازي وتونس وهي قرب أطلال قرطاجنة القديمة وتسمى قديماً إفريقية وربما سموا إقليم تونس بهذا الاسم ثم سموا القارة كلها به من باب تسمية الكل باسم