للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: فهاته الأحاديث كما ترى مروية عن فرات وقد أثبت في ترجمته المذكورة في الطبقة السادسة أنه كان أعلم الناس بالناس وأوقع الناس بالناس حتى نسب للكذب. وهاته الأحاديث ذكرها ابن الشباط والتجاني في رحلته وذكرها ابن ناجي وقال: سمعت من شيخنا البرزلي يقول عن شيخه وشيخنا ابن عرفة يغلب على الظن أنها موضوعة.

قلت: وإذا ثبت أنها موضوعة فالمظنون أن واضعها قصد بها الترغيب في المرابطة لما يترتب عليها من مصلحتي الدنيا والآخرة أما في الدنيا فإن فالمراد منها ملازمة النظر في موضع المخافة من العدو وفي الآخرة حصول الثواب الموجب لدخول الجنة. أخرج الشيخان عن سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها" وأخرج ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن مات مرابطاً في سبيل الله تعالى أجري عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله آمناً من الفزع" والرباط والمرابطة أن يربط هؤلاء خيولهم وهؤلاء خيولهم بحيث يكون ملازمة النظر في موضع المخافة من العدو. وأصل المرابطة أن يربط هؤلاء خيولهم وهؤلاء خيولهم بحيث يكون الفريقان مستعدين لإنزال فيحارب كل منهما الآخر ثم أطلق على كل مقيم بثغر يدفع عمن وراءه مرابطاً وإن لم يكن له ما يربط من الخيل. وقوله بخ بخ كلمة تقال عند المدح للشيء والرضى به وتكرر للتأكيد وهي إما مبنية على السكون للوقف وإما للوصل فتكسر وتنون وقد تشدد. والقنطرة لم يزل أثرها قائماً وبالقرب منها من الجهة الجوفية أثر بلدة رومانية بعضها غمره البحر والباقي هو بساتين متابعة للمنستير تعرف بالقديمة هواؤها نقي وحكى بعض المؤرخين أنه كان هناك قصر يعرف بشقانص لا أثر له الآن.

وزبدة القول إن للمنستير الشرف العظيم وقد صرح بذلك غير واحد من المؤرخين قالوا لا شك أن للمنستير فضلاً وشأناً. وفي الحلل السندسية والبيان المغرب في أخبار المغرب لابن عذاري الإشارة لذلك وفي رحلة الشيخ الورتيلاتي أنه دخل سوسة ولم يدخل المنستير وهي مدينة عظيمة قوية البركة عظيمة في الزيارة لاحتوائها على طبقة من العلماء وأهل الترجيح من المؤلفين كالإمامين ابن يونس والمازري وغيرهما فإن الوفود تأتي إليها من كل جانب. انتهى وقد ذكرها جماعة من الأدباء منهم أبو عمرو عثمان بن عتيق المعروف بابن عريبة المترجم له في الطبقة الرابعة عشر ذكرها متشوقاً في قصيدة مدح فيها الأمير أبا زكرياء الحفصي منها:

<<  <  ج: ص:  >  >>