عند ترجمة الحافظ النظار أبي القاسم هبة الله بن علي بن مسعود بن ثابت الخزرجي المنستيري المعروف بالبوصيري المتوفى سنة ٥٦٨ هـ ما نصه: منستير بضم الميم وسكون السين وكسر التاء بلدة بإفريقية بناها هرثمة بن أعين الهاشمي سنة ١٨٠هـ وكان الرشيد ولاه إفريقية وقدم إليها في ربيع الآخر سنة ١٧٩هـ. وقال أيضاً المنستير معبد بين المهدية وسوسة يأوي إليه الصالحون والمنقطعون للعبادة، فيه قصور شبهة بالخانقاهات وعلى تلك القصور سور واحد ذكره ياقوت في كتابه. انتهى.
قلت: ما حققه الشهاب من أن لفظ منستير رومي هو الصواب يؤيده أن بالقرب من القصر شرقيه جزيرة منحوت بها بيوت كانت قبل الفتح الإسلامي مقر الرهبان والمنقطعين للعبادة فيه وبالقرب منه بالقراعية داموس منحوت في جبل على شاطئ البحر يعرف الآن بالكحلية كان أيضاً مقراً للرهبان وقيل كان مقراً في المصيف لبعض أمراء الرومان.
أول مَن ألّف في فضيلة المنستير الشيخ الإمام أبو زكرياء يحيى بن عمر المترجَم في الطبقة السادسة ومن تلامذته العالم المؤرخ أبو العرب محمد بن تميم المترجم له في الطبقة السابعة من تآليفه طبقات علماء إفريقية تعرض فيه لفضيلة المنستير وذكر أحاديث وإليك بعضها:
قال: قال فرات بن محمد العبدي: حدثني أبو زكرياء الخراز بن سليمان قال: سمعت البهلول بن راشد يقول: إن هرثمة بن أعين استشاره في بناء المنستير وعدّد له هرثمة ما بناه في أرمينية وفي غير موضع فقال له البهلول: ما ذكرت شيئاً إلا والمنستير أفضل منه وذلك أنه بلغني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه باب من أبواب الجنة. وحدثني فرات قال: حدثني أبو الشيخ المفسر عن عبد الرحمن بن زياد عن مطرف عن عبد الله رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"المنستير باب من أبواب الجنة يقال له الأنف ودونه قنطرة من قناطر الأولين" وحدثني فرات قال: حدثني خلف بن محمد القابسي قال: حدثنا بهلول بن راشد قال: حدثنا عباد بن كثير عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بساحل قمونية باب من أبواب الجنة يقال له المنستير من دخله فبرحمة الله ومن خرج عنه فبعفو الله". وحدثني فرات قال: حدثنا عبد الله بن أبي حسان اليحصبي عن أبيه عن سفيان بن عيينة عن عبد الله بن دينار عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن رابط بالمنستير ثلاثة أيام وجبت له الجنة" قال أنس: بخ بخ يا رسول الله قال: "نعم يا أنس وله في هذه الثلاثة أيام كأجر النبيين والصديقين والشهداء والصالحين".