كمسند أبي علي ومصنف عبد الرزاق ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة ومسند عبد الله بن حميد والطيالسي وكتب البيهقي والطحاوي والطبراني وكان قصدهم جمع ما وجدوه لا تلخيصه وتهذيبه وتقريبه من العمل.
الطبقة الرابعة: كتب قصد مصنفوها بعد قرون متطاولة جمع ما لم يوجد في الطبقتين الأوليين، وكانت في المجامع والمسانيد المختلفة فنوهوا بأمرها، وكانت على ألسنة من لم يكتب حديثه المحدثون ككثير من الوعاظ المتشدقين وأهل الأهواء والضعفاء أو كانت من آثار الصحابة والتابعين أو من أخبار بني إسرائيل أو من كلام الحكماء والوعاظ، خلطها الرواة بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - سهواً أو عمداً، أو كانت من محتملات القرآن والحديث الصحيح فرواها بالمعنى قوم صالحون لا يعرفون غوامض الرواية فجعلوا المعاني أحاديث مرفوعة، أو كانت معاني مفهومة من إشارات الكتاب والسنة جعلوها أحاديث مستبدة برأسها عمداً، أو كانت جملاً شتى في أحاديث مختلفة جعلوها حديثاً واحداً بنسق واحد. ومظنة هذه الأحاديث كتاب الضعفاء لابن حبان وكامل ابن عدي وكتب الخطيب وأبي نعيم والجوزقاني وابن عساكر وابن النجار والديلمي وكاد مسند الخوارزمي يكون من هذه الطبقة. وأصلح هذه الطبقة ما كان ضعيفاً محتملاً وأسوأها ما كان موضوعاً أو مقلوباً شديد النكارة. وهذه الطبقة مادة كتاب الموضوعات لابن الجوزي.
ها هنا طبقة خامسة منها ما اشتهر على ألسنة الفقهاء والصوفية والمؤرخين ونحوهم وليس له أصل في هذه الطبقات الأربع، ومنها ما دسه الماجن في دينه العالم بلسانه فأتى بإسناد قوي لا يمكن الجرح فيه وكلام بليغ لا يبعد صدوره عنه - صلى الله عليه وسلم - فأثار في الإِسلام مصيبة عظيمة، لكن الجهابذة من أهل الحديث يوردون مثل ذلك على المتابعات والشواهد فتهتك الأستار ويظهر العوار.
أما الطبقة الأولى والثانية فعليهما اعتماد المحدثين وحوم حمامهما مرتعهم ومسرحهم، وأما الثالثة فلا يباشرها للعمل عليها والقول بها إلا النحارير الجهابذة الذين يحفظون أسماء الرجال وعلل الأحاديث، نعم ربما يؤخذ منها المتابعات والشواهد وقد جعل الله لكل شيء قدراً. وأما الرابعة فالاشتغال بجمعها أو الاستنباط منها نوع تعمق من المتأخرين وإن شئت الحق فطوائف المبتدعين