للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهؤلاء الأربعة أئمة الدين الأعلام، وقف التقليد عندهم في سائر الأقطار والأمصار، إلى هذا الوقت. وفي باب أسباب اختلاف مذاهب الفقهاء من كتاب حجة الله البالغة كلام نفيس هو من الأهمية بمكان، ولذا آثرت نقله بنصه وإن كان فيه طول، فإن الحسن غير مملول. قال رحمه الله: اعلم أن الله تعالى أنشأ بعد عصر التابعين نشئاً من حملة العلم إنجازاً لما وعده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "يحمل هذا العلم من كل خلف عُدُولُهُ" (١) فأخذوا عمن اجتمعوا معه منهم صفة الوضوء والغسل والصلاة والحج والنكاح والبيوع وسائر ما يكثر وقوعه ورووا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمعوا قضايا قضاة البلدان وفتاوى مفتيها، وسألوا عن المسائل واجتهدوا في ذلك كله ثم صاروا كبراء قوم، ووسد إليهم الأمر فنسجوا على منوال شيوخهم ولم يألوا في تتبع الإيماءات والاقتضاءات، فقضوا وأفتوا ورووا وعلموا. وكان صنيع العلماء في هذه الطبقة متشابهاً. وحاصل صنيعهم أن يتمسك بالمسند من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمرسل جميعاً ويستدل بأقوال الصحابة والتابعين. علمنا منهم أنها إما أحاديث منقولة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختبروها فجعلوها موقوفة كما قال إبراهيم وقد روى حديث نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة

<<  <  ج: ص:  >  >>