في بعض طرق الحديث المغرب بفتح الميم وسكون المعجمة وهذا يرد تأويل الغرب بالعرب لكن يحتمل أن يكون بعض رواته نقله بالمعنى الذي فهمه أن المراد الإقليم لا صفة بعض أهله، وقيل المراد بالغرب أهل القوة والاجتهاد يقال في لسانه غريب بفتح ثم سكون أي حدة ووقع في حديث أبي أمامة عند أحمد أنهم ببيت المقدس وللطبراني من حديث النهدي نحوه، وفي حديث أبي هريرة في الأوسط للطبراني "يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله لا يضرهم من خذلهم ظاهرين إلى يوم القيامة". ويمكن الجمع بين الأخبار بأن المراد يكونون ببيت المقدس وهي شامية ويسقون بالدلو، وتكون لهم قوة في جهاد العدو وحده وجدّ النووي في الحديث الإجماع حجة، ثم قال: يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين، ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وافتراقهم في أقطار الأرض، ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد وأن يكونوا في بعض منه دون البعض، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولاً فأولاً إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة فإذا انقوضوا جاء أمر الله اهـ. مع زيادة يسيرة ونظير ما نبه عليه ما حمل عليه بعض الأئمة حديث أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لهما دينها أنه لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة وهو ظاهر فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد، إلا أن يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها؛ ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه، وأما مَن جاء بعده فالشافعي وإن كان متصفاً بالصفات الجميلة، إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل فعلى هذا كل مَن كان متصفاً بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد سواء تعدد أم لا اهـ فتح في كتابي العلم والاعتصام.