وسوء الحفظ. وللعلماء تفصيل في هذه الدرجات فالمحققون يقبلون رواية المبتدع في غير ما يؤيد بدعته وقال بعضهم ما لم يكن داعية. ولهم في العمل بالحديث الضعيف الذي لم يشتد ضعفه أقول وشروط يجيزونه بها أو يقدمونه على القياس كم يعلم من كتب أصول الحديث وأصول الفقه.
انتهى ما أردنا تلخيصه من مفتاح السنة ولله الحمد والمنّة وإن أردت شرح ما لخصناه فعليك بمراجعة ألفية العراقي وشروحها وكشف الظنون.
وقد انتهى بنا القول فيما جمعناه بالمقصد واستوفينا الشرط الذي شرطناه بتحرير ما أودعنا فيه من تراجم شيوخنا المتقدمين والمتأخرين باسانيدهم المعنعنة على حسب أعصارهم وطبقاتهم كل طبقة مرتبطة بالطبقة التي قبلها ارتباط القمرين النيرين إلى إمامنا الأعظم مالك بن أنس ثم إلى عين الرحمة وينبوع كل فضيلة وحكمة سيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وشرف وكرم.
وختمناه بخاتمة قيِّمة في تاريخ تدوين الحديث وأدواره وفنونه كما انتهى ما أردنا اقتطافه من الطبقات وفق ما أشرنا إليه في الخطبة حيث قلنا ثم لخصنا المقصد في مثال شجرة بعبارات وجيزة محررة فروعه بالدرر يانعة وثمراتها طيبة نافعة وأنوارها ساطعة لامعة والباعث على تلخيصه على نحو ما ذكرناه والغرض الذي انتحيناه هو التوصل للأسانيد بسهولة عند المطالعة وتيقن المطالع ارتباطها عند المراجعة فهي غريبة الموضوع في بابها فائقة في الحسن والإحسان على أترابها جاذبة للقلوب عند خطابها دانية الجنى لطلابها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها واقتطفنا منها ما أثبتناه في خلاصة الأسانيد من خلاصة المقصد والتمهيد وقد أفردنا في المقدمة فريدة بخصوص الكلام على فضيلة الأسانيد نقلاً عن كثير من الأئمة وأنه من خصائص هذه الأمة ومن فوائدها الكثيرة وعوائدها الغزيرة أنها موصلة بسهولة إلى معرفة طبقات علماء الأمصار والأقطار وما طرأ على العلم والعلماء والأمراء من الأطوار والأدوار وما نالهم من الضعف والانقطاع والانتشار إن في ذلك لعبرة وموعظة وحكمة لأولي الأنظار والأبصار.
والحمد الله أولاً وآخراً وباطناً وظاهراً على ما هدانا إليه من ترتيبه وجمعه وتهذيبه وألهم وفتح البصيرة لدرك حقائق ما أودعناه وفهم وصلى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحبه وسلم