ست سنين من البعثة. أخرج الحافظ ابن الجزري في أسد الغابة عن أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أنه قال: قال لنا عمر بن الخطاب: أتحبون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامي؟ قال: كنت من أشد الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبينا أنا في يوم شديد الحر بالهاجرة في بعض طرق مكة إذ لقيني رجل من قريش فقال: أين تذهب يا ابن الخطاب أنت تزعم أنك هكذا وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك قال: قلت: وما ذاك؟ قال: أختك قد صبأت، قال: فرجعت مغضباً وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة فيكونان معه ويصيبان في طعامه وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين قال: فجئت حتى قرعت الباب فقيل مَن هذا؟ فقلت: ابن الخطاب، قال: وكان القوم جلوساً يقرؤون القرآن في صحيفة معهم فلما سمعوا صوتي اختفوا وتركوا أو نسوا الصحيفة من أيديهم، قال: فقامت المرأة ففتحت لي الباب فقلت: يا عدوة نفسها قد بلغني أنك صبأت، وضربتها بشيء كان في يدي فسال الدم، فلما رأت المرأة الدم بكت ثم قالت: يا ابن الخطاب ما كنت فاعلاً فافعل قد أسلمت، قال: فدخلت وأنا مغضب فجلست على السرير فنظرت فإذا بكتاب في ناحية البيت فقلت: ما هذا الكتاب أعطينيه، فقالت: لا لستَ من أهله أنت لا تغتسل من الجنابة ولا تطهر وهذا لا يمسه إلا المطهرون، قال: فلم أزل بها حتى أعطتنيه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم فلما مررت بالرحمن الرحيم ذعرت ورميت بالصحيفة من يدي، قال: ثم رجعت إلى نفسي فإذا فيها {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)} قال: فكلما مررت باسم من أسماء الله عزّ وجل ذعرت ثم ترجع إليّ نفسي حتى بلغت {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} حتى بلغت إلى قوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} قال: فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فخرج القوم يتبادرون بالتكبير استبشاراً بما سمعوه مني وحمدوا الله عزّ وجل، ثم قالوا: يا ابن الخطاب أبشر فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا يوم الاثنين فقال:"اللهم أعز الإِسلام بأحد الرجلين إما عمر بن الخطاب وإما عمر بن هشام" قالت: فقلت لهم: أخبروني بمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقالوا: هو ببيت أسفل الصفا وصفوه. قال: فخرجت حتى قرعت الباب قيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب. قال: وقد عرفوا شدتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعلموا بإسلامي، قال: فما اجترأ أحد منهم أن يفتح الباب. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: افتحوا له الباب فإنه إن يرد الله به خيراً يهده، قال: ففتحوا لي وأخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أرسلوه، فأرسلوني فجلست بين يديه فأخذ بجميع قميصي فجذبني إليه ثم قال: أسلم يا ابن الخطاب اللهم اهده. قال: