وكان نائماً فقال: اللهم حرم الدخول، فنزلت آية الاستئذان. وفي البخاري خمسة عشر حديثا في فضائله. وأخرج أبو يعلى عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتاني جبريل آنفاً فقلت: يا جبريل حدثني بفضائل عمر بن الخطاب، فقال:"لو حدثتك بفضائل عمر منذ لبث نوح في قومه ما نفذت فضائل عمر وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر رضي الله عنهما" وقال الأبي: سمي الفاروق لأنه فرق بإسلامه بين الحق والباطل ونزل جبريل فقال: يا محمد استبشر أهل السماء بإسلام عمر. حفظ له من الحديث خمسمائة وسبعة وثلاثون حديثاً في الصحيحين منها واحد وثلاثون. قال الشعبي: إذا اختلف الناس فخذوا بما قال عمر وقال: قضاة هاته الأمة عمر وعلي وزيد بن ثابت وأبو موسى.
تقدم أن أبا بكر رضي الله عنه عهد إليه بالخلافة فوليها يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة. ولما تلا كتاب العهد على المسلمين بايعوه جميعاً ولم ينكل عن بيعته أحد من المهاجرين والأنصار، وقد قام رضي الله عنه بهذه الوظيفة السامية قيامًا محموداً لا يجاريه فيه أحد من قادة الأمم وساسة الحكومات بل كان من عظيم أثره وأثر أبي بكر في الخلافة الإِسلامية أن كانا مثلاً لمن بعدهما يضرب بالعدل وحسن السياسة وحجة على من تنكب طريقهما من الخلفاء وخالف سيرتهما من الأمراء. في أسد الغابة عن علي رضي الله عنه قال: إن الله جعل أبا بكر وعمر حجة على من بعدهما من الولاة إلى يوم القيامة فسبقا والله سبقاً بعيداً وأتعبا والله من بعدهما إتعاباً شديداً فذكرهما حزن للأمة وطعن علي الأئمة اهـ. وحسب عمر رضي الله عنه من خلافته أن يكون مثلاً في العدل وحجة على الخلفاء والولاة من بعده بل حسبه من سيرته فخراً وذكراً أن كل المؤرخين سواء كانوا من المسلمين أو المنصفين من غير المسلمين أجمعوا على أنه أعدل مَن ساس الأمم وأعظم رجل في الإِسلام. روي أن معاوية رضي الله عنه قال لصعصعة بن صوحان: صف لي عمر. فقال: كان عالماً برعيته عادلاً في قضيته عارياً عن الكبر قابلاً للعذر سهل الحجاب مصون الباب متحرياً للصواب رفيقاً بالضعيف غير كتاب للقوي وغير جاف للغريب والحاصل أن فضائله رضي الله عنه كثيرة جداً شهيرة خصت بالتأليف وسنقص عليك بعضها.