عظام مع مَن قارعهم من الأمم. فالبربر جيل معروف من أعظم الأجيال وأعزها ولهم الفخر الذي لا يجهل، والذكر الذي لا يهمل. وقد تعددت فيهم الدول، وكثر فيهم الملوك العظام، وكان لهم القدم الراسخ في الإِسلام، واليد البيضاء في الجهاد، ومنهم الأئمة والعلماء والأولياء والشعراء والأمراء، وأهل المزايا والفضائل. والبربر شعبان عظيمان بحيث لا يخرج بربري عنهما. قال ابن خلدون: علماء النسب متفقون على أن البربر يجمعهم جدان عظيمان وهما برنس ومدغيس ويلقب بالأبتر فلذلك يقال لشعوبه البتر ويقال لشعوب برنس البرانيس، وبين النسابين خلاف هل هما لأب واحد أو لا؟ فعند ابن حزم هما لأب واحد والجميع من نسل كنعان بن حام، وقال سابق بن سليمان المطماطي وغيره من نساب البربر: إن البرانس فقط من نسل كنعان وأما البتر فهم من بني جرس بن قيس بن غيلان بن مضر وهذا القول مقول فيه. والحق أن الشعبين معاً عريقان في البربرية وأن الجميع من ولد مازيغ من ولد كنعان بن حام، فأما البرانس فتنقسم إلى سبعة قبائل: أروبة وصنهاجة وكتّامة ومصمودة وعجيسة وأوريغة وأرداجة ويقال ورداجة بالواو بدل الهمزة، وزاد سابق المطماطي وغيره ثلاثة قبائل وهم: لمطة وهسكورة وجزولة فتكون عشراً. فأما أروبة فكان منها كسيلة الأروبي قاتل عقبة رضي الله عنه الذي مرّ ذكره ومنهم إسحاق بن محمَّد بن عبد الحميد الأروبي القائم بدعوة إدريس بن عبد الله. وأما صُنهاجة فهم أكبر قبائل البربر حتى زعم كثير من الناس أنهم مقدار الثلث فهم بنو زيري بن مناد ملوك إفريقية الآتي ذكرهم، والملثمون ملوك مراكش والأندلس. وأما كتامة فهم القائمون بدعوة العبيديين بإفريقية ومصر. وأما المصامدة فمنهم عمارة وكان منهم بليان النصراني صاحب سبتة وطنجة أيام دخول عقبة المذكور إلى المغرب الأقصى وهم القائمون برغواطة أهل تامسنا وما اتصل بها ومنهم أهل جبل درن وهم القائمون بدعوة محمَّد بن تومرت مؤسس دولة الموحدين. وأما باقي قبائل البربر فلم يكن لهم ملك يذكر والنسابون من العرب يقولون إن صنهاجة وكتامة من حمير وأن أفريقش الحميري تركهم حامية بإفريقية فتناسلوا بها واستحال لسانهم إلى البربري لكن المحققون من نساب البربر كسابق المطماطي وغيره ينكرون ذلك ويجزمون بأنهما قبيلتان عريقتان في البربرية. وأما البتر وهم بنو مادغيس فينقسمون لأربعة قبائل وهم: خريسة ونفوسة وأداسة وبنو لوي وهم لواتة، فأما خريسة فمنهم مكناسة ومن مكناسة بنو مدرار ملوك سجلماسة وبنو أبي العافية ملوك فاس ومن خريسة زناتة كلها ومن زناتة جراوة قوم الكاهنة دهيا صاحبة جبل أوراس التي أوقعت بحسان بن النعمان عامل الخليفة عبد الملك بن