إلى ديّان يوم الدين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم
سل الأيام عن أمم تقضت ... فتخبرك المعالم والرسوم
ولما وقع بإبراهيم الشريف ما ذكرناه وقع الاتفاق على تولية كاهيته حسين بن علي تركي وقبلها بإلزام بعد تمنع وتمت له البيعة في ربيع الأنور سنة ١١١٧ هـ. كان والده علي تركي وبه يلقب قدم من جزيرة كندية إلى الحاضرة في أوائل دولة بني مراد فولاه قيادة أزمة الأعراب وكان من أهل الكفاءة والنجدة وتوفي سنة ١١١٣ هـ ونشأ ابنه المذكور في خدمة الأمراء المراديين وتقلد الولايات الجليلة وتسنم الخطط الرفيعة كخطة خزنة دار وكاهية الخلافة وولاية الأعراض والجريد وهو باني الملك الحسيني جعلها الله كلمة باقية في عقبه أبد الآبدين. توارث الملك بنوه كابراً عن كابر إلى هذا الوقت على الترتيب الآتي بيانه وله حروب مع القائمين عليه كان الظفر حليفه ورسخت قدمه وكانت أيامه مواسم ثم ثار عليه كفيله ابن أخيه علي باشا بن محمد بن علي تركي. كانت ولادته سنة ١١٠١م فتبناه عمه الأمير المذكور وأحسن تربيته وتهذيبه وليس له إذ ذاك أولاد وأولاده أمير أمراء الأمحال سنة ١١٨ هـ وزوّجه ابنته وأجراه مجرى الأولاد إلى أن وهب الله له ولياً من لدنه يرث ملكه فولد له المولى محمد باي ولما بلغ من العمر خمسة عشر عاماً أولاه باي الامحال وأولى ابن تربيته باشا فأنف علي باشا من ذلك وهرب هو وابنه يونس إلى وسلات وذلك سنة ١١٤٠هـ وخرج عمه لقتال آل أمره لفراره مع ابنه للجزائر وساءت حاله ثم أمده صاحب الجزائر بعسكر قدم به سنة ١١٤٧هـ ولما قدم هذا العسكر الحاضرة خرج الأمير بعسكره ووقع القتال بين العسكرين آل الأمر بانهزام الأمير وفراره إلى القيروان ولحق به أبناؤه واعتصموا بها ودخل غالب بلاد الساحل في طاعتهم ودامت الحرب بينهم وباشر أكثرها يونس باي ولما ضاق الخناق على أهل القيروان بطول الحصار خرج الأمير منها بمن بقي معه وبأثر خروجه استشهد وذلك في صفر سنة ١١٥٣هـ وحمل ودفن بتربته بالحاضرة وأما أبناؤه فإنهم توجهوا للمغرب وسيأتي خبرهم وهذا الأمير هو الذي أحيا رسوم العلم بعد إعفائها وأيقظ أجفان طلبته بعد إغفائها بالتفاته إلى أهل العلم بالصلات المتوالية والإكرام لهم والتعظيم والمجالسة وله في التزام الأحكام الشرعية قدم راسخة يحمل العامة والخاصة عليها فيما يجري بينهم من المعاملات وكانت أيامه كالخصب بعد الجدب والأمن بعد الرعب والسلم بعد