وانفساح وبه مقام الشيخ منصور بيزيد ومقام الشيخ مسعود الخزرجي قبل مقام الشيخ العربي وهو عتيق جداً وعلى شاطئ البحر داموس منحوت في جبل يعرف بالكحلية يقال إنه كان معداً لمصيف بعض أمراء الرومان أو مقراً لطائفة من الرهبان وبالجهة الغربية من المدينة مع انحراف إلى جهتي القبلة والجوف حدائق الزيتون والبساتين ذات الأشجار الملتفة اليانعة يحيط بجميع ذلك قبلة وشرقاً وجوفاً لبحر في شبه شكل مثلث زاويته المدينة ولتلك الأشجار ومنها التي ببساتين شقاقص ثمرات طيبة النكهة سيما التفاح له خاصية من الفضل عجيبة لأن رائحته من أعطر الروائح وأطيبها يدخل به الداخل عليك فتجد رائحته العبقة قد سبقت إليك فيكاد يشغلك الاستمتاع بطيب رياه وحسن منظره عن أكلك إياه يهدي للأحبة والأمراء والخاصة من الفضلاء وبالجملة فتربتها نقية وهواؤها صحيح منعش للنفوس والأبدان في كل وقت وزمان وبغالب دورها المواجل والآبار منها ما هو صالح للشرب ومنها ما هو غير صالح وفي سنة١٣٢١هـ أسست الحكومة شركة تعرف بشركة مياه الساحل لجلب الماء المنهمر المتسرب من عيون معينة من ولجة أبي حفنة بعمل القيروان في قنوات الحديد وأنابيب الرصاص يتفرع إلى فرعين كل فرع ينقسم إلى مذانب يخترق بسائط وعمائر وقرى وما من قرية مرّ عليها إلا ولها نصيب من ذلك الماء. فرع ينتهي إلى سوسه، وفرع ينتهي إلى المسنتير وحصل بذلك نفع عظيم ومنحت الشركة الاشتراك فيه لأصحاب الدور والبساتين والحمامات وغيرها بثمن معين من المال يدفع سلفاً في كل ستة أشهر والقدر المستهلك منه يعرف بمنقالة الماء وهي آلة تشبه منقالة الساعة الزمنية.
أهلها معروفون بالذكاء وكرم الأخلاق والتواضع فلا تلقى منهم إلا وجهاً طلقاً وكلمة لينة ولهم كرامة للغرباء وإقبال عليهم. سنتهم في المعاشرة عجيبة وسيرتهم في التزام رتبة الخدم غريبة مع الكد والجد والوفاء بالعهد. محافظون على عوائد أسلافهم ومعتنون بتهذيب أخلاق أولادهم ولهم اعتدال في معاملاتهم وليس لهم الآن كبير حظ في التجارة لقربها من سوسه المقصودة براً وبحراً لتحسين مرساها التحسين العصري. أما قبل هذا التحسين فقد كان للمسنتير الحظ الأوفر في تجارة الزيت وغيره براً وبحراً.
سكانها زهاء عشرة آلاف نفس ومع قلة هذا العدد بالنسبة للحواضر غيرها فإن كثيراً من الخطط النبيهة بأيديهم فلا يخلو منهم ديوان من دواوين الحكومة وفيها كثير من ذوي البيوتات النبيهة كبيت ابن أبي زيد وبيت مخلوف وبيت مزالي وبيت نويرة وبيت بوزقرو وبها مجلس شرعي متركب من قاض ومفتيين وبها مدرسون خمسة