للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وينتهك حرمته، كان نهيه عن أن يزدري به و يستهينه بنفسه أولى. ولأن الله تعالى وصف القرآن بأنه {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ. لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (١) فإذا كان فوق السموات مكتوبًا محفوظًا وليس هناك إلا الملائكة المطهرون فلأن يكون فيما بيننا محفوظًا، والناس مختلفون، والأماكن مختلفة، والأحوال شتى أشبه، والله أعلم.

ويذكر عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: لا تكتبوا القرآن حيث يوطأ.

[٢٤١٥] أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أخبرنا الحسن بن رشيق المصري إجازة، حدثني أبو حفص عمر بن عبد الله الواعظ قال: كان بشر بن الحارث شاطرًا يجرح بالحديد، وكان سبب توبته أنه وجد قرطاسًا في أتون (٢) حمام فيه "بسم الله الرحمن الرحيم" فعظم ذلك عليه، ورفع طرفه إلى السماء وقال: سيدي! اسمك ها هنا ملقى! فرفعه من الأرض وقلع عنه السحاة (٣) التي هو فيها، وأتى عطارًا فاشترى بدرهم غالية (٤) لم يكن معه سواه، ولطخ تلك السحاة بالغالية، وأدخله شق حائط وانصرف إلى زجاج كان يجالسه، فقاله له الزجاج: والله يا أخي لقد رأيت لك في هذه الليلة رؤيا ما رأيت أحسن منه ولست أقول حتى تحدثني ما فعلت في هذه الأيام فيما بينك وبين الله تعالى. قال: ما فعلت شيئًا أعلمه غير أني أجتزت اليوم بأتون حمام فذكره.

فقال الزجاج رأيت كأن قائلًا يقول لي في المنام قل لبشر: ترفع اسمًا لنا من الأرض إجلالًا أن يداس لننوهن باسمك في الدنيا والآخرة.


(١) سورة الواقعة (٥٦/ ٧٩).

[٢٤١٥] ذكره المزي في "تهذيب الكمال" (٤/ ١٠٣ - محققة) برواية الحسن بن رشيق. وذكر القصة أبو نعيم في "الحلية" (٨/ ٣٣٦) من وجه أخر وذكرها باختصار القشيري في "رسالته" (١/ ٧٣) وابن الملقن في "كتاب الأولياء" (١١٠).
(٢) الموقد كموقد الحمام.
(٣) السحاة هي القشرة التي تظهر على الورق وغيره.
(٤) الغالية هي أخلاط من الطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>