للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٧٠) السبعون من شعب الإيمان "وهو باب في الصبر على المصائب وعما تنزع النفس إليه من لذة وشهوة"

قال الله عز وجلّ: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (١).

أراد (٢) بالصبر الصوم قال الإمام أحمد: وروينا هذا عن مجاهد وهذا لما في الصيام من الصبر عن الطعام والشراب المعتادين بالنهار مع تحرك الطبع نحوهما ونزوع النفس إليهما، ولهذا قيل لشهر رمضان شهر الصبر، وقد مضى الخبر في باب الصيام.

وقيل: أراد بالصبر الصبر على ما يعرض للمسلمين من قتل أعدائهم المشركين، ثم قال: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}.

فقيل: رجعت الكناية إلى الصلاة وحدها، وقيل: رجعت إلى كل واحد منهما بمعنى الخصلة أو الطاعة أو الفعلة كأنه قال: وإن كل واحدة من هاتين الخصلتين لكبيرة أي شاقة إلا على الخاشعين {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} (٣) في ذلك الوقت فهم يحبون أن يردوا إلى الله صائمين مصلين، وقال جل جلاله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (٤).

فالأشبه بالصبر في هذه الآية الصبر على الشديدة لأنه أتبع مدح الصابرين بقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ. وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ


(١) سورة البقرة (٢/ ٤٥).
(٢) راجع "المنهاج" (٣/ ٣٦٥ - ٣٦٧).
(٣) سورة البقرة (٢/ ٤٦).
(٤) سورة البقرة (٢/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>