للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٢٣) الثالث والعشرون من شعب الإيمان "وهو باب في الصيام"

قال الله عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (١).

قال أبو عبد الله الحليمي (٢) -رحمه الله- في مبسوط كلامه. قد أبان الله عزّ وجلّ أن الصوم من أسباب التقوى: وحقيقة التقوى فعل المأمور به، والندوب إليه، واجتناب المنهي عنه والمكروه المنزه عنه؛ لأن المراد من التقوى وقاية العبد نفسه من النار، وهو إنما يقي نفسه النار بما ذكرت.

قال: والصلاة أحد شعبها قال الله عزّ وجلّ: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (٣).

والانتهاء عن الفحشاء والمنكر هو التقوى. وهذا لأن من حبب الله إليه الصلاة، ووفقه لها، وذلل أعضاءه وجوارحه بها لم يكن إلا منتهيًا عن الفحشاء والمنكر.

وكذلك الصيام من شعبها لأن التملؤ من الطعام والشراب رأس البواعث على الفحشاء (٤) والمناكير. ومعلوم في العادات أن الجائع العطشان لا يجد في نفسه من قلق الشهوات ما يجده منه الممتلئ من الطعام والشراب وإذا كان كذلك فقد حصل من الصيام التقوى.

وفيه وجه آخر وهو أن المعنى: {لَعَلَّكُمْ تتَقُونَ} الكفران والتغافل والتجاهل بقدر النعمة عن شكرها. وذلك أن الناس إذا كانوا متمكنين طول الدهر ليلًا ونهارًا


(١) سورة البقرة (٢/ ١٨٣).
(٢) راجع "المنهاج" (٢/ ٣٦٧ - ٣٦٩).
(٣) سورة العنكبوت (٢٩/ ٤٥).
(٤) كذا في النسختين. وفي "المنهاج": "الفواحش" وهو الأوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>