للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما هو إذا طال القيام عليهم في الموقف، فيصيرون من الحيرة كأنه لا قلوب لهم، ويرفعون رءوسهم فينظرون النظر الطويل الدائم، ولا يرتد إليهم طرفهم كأنهم قد نسوا الغمض أو جهلوه، والناس في القيامة لهم أحوال ومواقف، واختلف الإخبار عنهم لاختلاف مواقفهم وأحوالهم، وأما قول الله عزّ وجلّ: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} (١).

فقد روينا (٢) عن ابن عباس أنه قال هذا في النفخة الأولى ينفخ في الصور فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله (فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون) ثم إذا نفخ في النفخة الأخرى قاموا" {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}.

[فصل]

قد روينا عن ابن عباس (٣) أنه قال في قوله عزّ وجل: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} (٤) يقول: عطاشًا.

والأخبار (٥) تدل على أن العطش يعم الناس في ذلك اليوم إلا أن المجرمين لا يسكن عطشهم، ولكنه يزداد حتى يوردوا النار، فيشربون الحميم شرب الهيم نعوذ بالله من عذاب النار. وأما المتقون، ومن شاء الله من المخلطين المؤمنين فإنهم يسقون من حوض نبينا - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكرنا صفة الحوض وصفة مائه في كتاب "البعث والنشور" (٦).


(١) سورة المؤمنون (٢٣/ ١٠١).
(٢) وساقه السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ١١٦) ونسبه إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وأخرجه الحاكم (٢/ ٣٩٤) عن سعيد بن جبير أن ابن عباس سئل عن الآيتين فقال: أما قوله (ولا يتساءلون) فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء (فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) وأما قوله (فأقبل) فإنهم لما دخلوا الجنة (أقبل بعضهم على بعض يتساءلون).
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (١٨/ ٥٤).
(٣) أخرجه المؤلف في "البعث" وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (١٦/ ١٢٧) وقد مر.
(٤) سورة مريم (١٩/ ٨٦).
(٥) راجع "المنهاج" (١/ ٤٤٤).
(٦) راجع باب ما جاء في حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - (١١٠ - ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>