للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ج) ومن أسامي صفات الذات ما يعود إلى الإرادة فمنها

[١٣] "الرحمن" وهو المريد لرزق كل حي في دار البلوى والامتحان ومنها:

[١٤] "الرحيم" وذلك المريد لإنعام أهل الجنة. ومنها:


[١٣] "الرحمن" ورد في القرآن في صفة الله تعالى ٥٦ مرة غير ما جاء في "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول كل سورة إلا سورة التوبة. ونقل الحافظ ابن حجر عن ابن بطال قال: الرحمن وصف وصف الله تعالى به نفسه، وهو متضمن لمعنى الرحمة. والمراد برحمته: إرادته نفع من سبق في علمه أن ينفعه. قال: أما الرحمة التي جعلها في قلوب عباده فهي من صفات الفعل وصفها بأنه خلقها في قلوب عباده وهي رقة على المرحوم، وهو سبحانه وتعالى منزه عن الوصف بذلك، فتتاول بما يليق به. وقال ابن التين: قيل: "الرحمن" و "الرحيم" يرجعان إلى معنى الإرادة فرحمته إرادته تنعيم من يرحمه. وقيل يرجعان إلى تركه عقاب من يستحقه. راجع (فتح الباري ١٣/ ٣٥٨ - ٣٥٩). وقال الحليمي في المنهاج (١/ ٢٠٠): هو المزيح للعلل وذلك أنه لما أمر الجن والإنس أن يعبدوه، عرفهم وجوه العبادات، وبين لهم حدودها وشروطها وخلق لهم مدارك ومشاعر، وقوى وجوارح يعملون بها لتنفيذ ما أراده منهم، وخاطبهم وكلفهم، وبشرهم وأنذرهم، وأمهلهم، وحملهم دون ما تتسع به بنيتهم، فصارت العلل مزاحة، وحجج العصاة والمقصرين منقطعة. ونقله المؤلف في "الأسماء والصفات" (٦٩) ونقل قول الخطابي في اختلاف الناس في تفسير "الرحمن" وهل هو مشتق من الرحمة أم لا؟. قال الخطابي: ذهب الجمهور من الناس إلى أنه مشتق من الرحمة مبني على المبالغة، ومعناه: ذو الرحمة، لا نظير له فيها. واستشهد له بحديث عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قال الله عز وجل: أنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته". قال الخطابي: "فالرحمن" ذو الرحمة الشاملة التي وسعث الخلق في أرزاقهم وأسباب معايشهم ومصالحهم، وعمت المؤمن والكافر، والصالح والطالح، أما "لرحيم" فخاص للمؤمنن.
راجع "شأن الدعاء" (٣٥ - ٣٨) وانظر "اسماء والصفات" (٧٠ - ٧٢). وقال المؤلف في "الاعتقاد" (٢٠): "الرحمن، من له الرحمة، و الرحيم" و "الراحم". فعيل بمعنى فاعل على المبالغة. وقيل: "الرحمن": المريد لرزق كل شيء في الدنيا، و "الرحيم" المريد لإكرام المؤمنين بالجنة في العقبى. فيرجع معناهما إلى صفة الإرادة التي هي صفة قائمة بذاته.

[١٤] "الرحيم" وصف الله تعالى به نفسه في كتابه ١١٤ مرة. قال الحليمي في معناه: هو المثيب على العمل، فلا يضيع لعامل عملا، ولا يهدر لساع سعيا، وينيله بفضل رحمته من الثواب أضعاف عمله. (المنهاج ١/ ٢٠٠). قال الخطابي: "الرحيم" خاص للمؤمنين قال الله تعالى {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} (الأحزب ٣٣/ ٤٣) و"الرحيم" وزنه فعيل بمعنى فاعل، أي راحم. راجع "الأسماء والصفات" (٧٠ - ٧١). وقال الراغب الأصفهاني في "مفرداته": ولا يطلق الرحمن إلا على الله تعالى من حيث أن معناه لا يصح إلا له إذ هو الذي وسع كل شيء رحمة. و "الرحيم" يستعمل في غيره، وهو الذي كثرت رحمته (ص ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>