للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٤٢) الثاني والأربعون من شعب الإيمان "وهو باب في الاقتصاد في النّفقة وتحريم أكل المال بالباطل"

قال الله عز وجلّ: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (١).

وقال: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ٠ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (٢).

وقال في صفة الذين سماهم عباد الرحمن.

{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (٣).

فاشتملت (٤) هذه الآيات كلّها على الأمر با لاقتصاد، والنهي عن الإسراف، وكان ذلك موافقًا للنّهي عن الإسراف في الأكل، والشرب؛ لأن الله عز وجلّ يقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (٥).

فإذا كان الإسراف في الأكل والشرب ممنوعًا، وجب أن يكون الإسراف في الإنفاق ممنوعا لأن ذلك إنما يكون بصرف المال في أكثر مما يحتاج إليه من المأكول والمشروب، وذلك الأكثر ممنوع من أكله، فينبغي أن يكون صرف المال في الممنوع ممنوعا، وحد السرف في الأكل أن يجاوز الشبع، ويثقل البدن، حتى لا يكون معه أداء واجب ولا قضاء حق إلا بحمل على البدن وليس السرف في الإنفاق كله ما ذكرنا، لكن في المسكن والملبس، والمركب، والخدام من السرف مثل ما في الطعام والشراب، فأما الإنفاق فيما يبقى وينمو فليس بسرف كشرى الضياع، والمواشي للنّسل؛ لأن هذه تغل وتنمو فيزداد بما يصرف فيها أضعافه.


(١) سورة الإسراء (١٧/ ٢٩).
(٢) سورة الإسراء (١٧/ ٢٦ - ٢٧).
(٣) سورة الفرقان (٢٥/ ٦٧).
(٤) راجع "المنهاج" (٣/ ٩٩).
(٥) سورة الأعراف (٧/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>