للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما ما يتطوع به الإنسان مما ليس بواجب عليه بمعنى تصديق العقد والقول بالفعل موجود فيه فيزداد به الإيمان وتركه بالإضافة إلى من لم يتركه يجوز أن يسمى نقصانا لكن لا يوجب لتاركه عصيانا وهذا معنى قوله.

قال (١): واذا أوجبنا أن تكون الطاعات كلها إيمانا لم نوجب أن تكون المعاصي الواقعة من المؤمنين كفرا، وذلك أن الكفر بالله أو برسوله مقابل للإيمان به فإذا كان الإيمان بالله أو برسوله الاعتراف به والإثبات له كان الكفر جحوده والنفي له والتكذيب به، وأما الأعمال فإنها إيمان لله وللرسول بعد وجود الإيمان به والمراد به: (إقامة الطاعة على شرط الاعتراف المتقدم فكان الذي يقابله هو) (٢) الشقاق والعصيان دون الكفر.

وقد ذكرت في "كتاب الإيمان" من الأخبار والَاثار ما يكشف عن صحة هذه الجملة، فانا أشير في هذا الكتاب إلى طرف (٣) منها بمشيئة الله عز وجل.

باب الدليل (٤) على أن التصديق بالقلب والإقرار باللسان أصل الإيمان وأن كليهما شرط في النقل عن الكفر عند عدم العجز

قال الله تعالى (٥): {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ … } والَاية، فامر المؤمنين أن يقولوا آمنا بالله.

وقال الله عز وجل (٦): {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} فاخبر أن القول العاري عن الاعتقاد ليس بإيمان وأنه لو كان في قلوبهم إيمان لكانوا مؤمنين لجمعهم بين التصديق بالقلب والقول باللسان ودلت السنة على مثل ما دل عليه الكتاب.


(١) "المنهاج" (١/ ٢٤).
(٢) العبارة بين القوسين سقطت من الأصل
(٣) في المطبوعة "طريق".
(٤) راجع ما قاله الحليمي في "المنهاج" (١/ هـ ٢ وما بعدها).
(٥) البقرة (٢/ ١٣٦).
(٦) الحجرات (٤٩/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>