للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٥) الخامس عشر من شعب الإيمان "وهو باب في تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - وإجلاله وتوقيره - صلى الله عليه وسلم -"

وهذه منزلة فوق المحبة (١) لأنه ليس كل محب معظما. ألا ترى أن الوالد يحب ولده

ولكن حبه (٢) إياه يدعوه إلى تكريمه، ولا يدعوه إلى تعظيمه، والولد يحب والده

فيجمع له بين التكريم والتعظيم، والسيد قد يحب مماليكه ولكنه لا يعظمهم، والمماليك يحبون ساداتهم، ويعظمونهم. فعلمنا بذلك أن التعظيم رتبة فوق المحبة، والداعي إلى المحبة ما يفيض عن المحب على المحب من الخيرات، والداعي إلى التعظيم ما يجب للمعظم في نفسه من الصفات العلية، ويتعلق به من حاجات المعظم التي لا قضاء لها إلا عنده، ويلزمه من مننه التي لا قوام له بشكرها وإن جد واجتهد، وبسط الحليمي رحمه الله الكلام في شرح هذه الجملة، ثم قال (٣):

فمعلوم أن حقوق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجل وأعظم وأكرم وألزم لنا وأوجب علينا من حقوق السادات على مماليكهم، والآباء على أولادهم، لأن الله تعالى أنقذنا به من النار في الآخرة، وعصم به لنا أرواحنا وأبداننا وأعراضنا وأموالنا وأهلينا وأولادنا في العاجلة، وهدانا به، كما إذا أطعناه فيه أدانا إلى جنات النعيم. وأية نعمة توازي هذه النعم؟ وأية منة تداني هذه المنن؟

ثم إنه جل ثناؤه ألزمنا طاعته، وتوعدنا على معصيته بالنار، ووعدنا باتباعه الجنة، فأي رتبة تضاهي هذه الرتبة؟ وأي درجة تساوي في العلى هذه الدرجة؟


(١) راجع "المنهاج" (٢/ ١٢٤).
(٢) في (ن) "يحبه".
(٣) "المنهاج" (٢/ ١٢٤ - ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>