للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه أنه قال في حاطب بن أبي بلتعة حين خان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكتابة إلى مكة: "دعني أضرب عنق هذا المنافق".

فسماه عمر منافقا ولم يكن منافقا فقد صدقه (١) النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما أخبر عن نفسه، ولم يصر به عمر كافرا لأنه أكفره بالتاويل وكان ما ذهب إليه عمر يحتمل.

[باب القول في إيمان المقلد والمرتاب]

المقلد من تدين ما تدين لأنه دين آبائه وقرابته وأهل بلده وليس عنده وراء ذلك حجة ياوي إليها.

والمرتاب من يقول: اعتقدت الإسلام وتابعت أهله احتياطا لنفسي فإن كان حقا فقد فزت وإن لم يكن ذلك شيء لم يضرني (٢) وواحد من هذين ليس بمسلم.

وبسط الحليمي (٣) رحمه الله تعالى فيه الكلام قال: والمؤمن الذي ليس بمقلد رجلان: أحدهما: الذي عرف الله، تعالى جده، بالدلائل والحجج معرفة تامة لا شك معها وعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجج الدالة على صدقه ثم اعترف باللّه ورسوله، وقبل عن رسوله جميع ما جاء به من عنده وأسلم نفسه بالطاعة له فيما أمره به ونهاه عنه.

والآخر: من يؤمن بالله إجابة لدعوة نبيه بعد قيام الحجة على نبوته وبسط الكلام فيه إلى أن قال: ثم ينظر فإن كان المؤمن قبل أن آمن يثبت الله تعالى جده إلا أنه يلحد في أسمائه وصفاته كان إيمانه الحادث ترك ذلك الإلحاد لما يقوله النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعوه إليه.

و إن كان قبل ذلك لا يدين دينا (٤) ويرى أن لا صانع للعالم وأنه لم يزل على ما هو عليه الآن فوجه إيمانه بالله لدعوة نبيه هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن للعالم إلها واحدا لم يزل ولا يزال ولا يشبه شيئا قادرا لا يعجزه شيء عالما حكيما كان ولا شيء غيره وأبدع كل موجود سواه واخترعه اختراعا لا من أصل وأنه أرسله إلى الناس ليعرفه إليهم وينبههم على آثار خلقه التي يرونها ويغفلون (٥) عنها ويدعوهم إلى طاعته وعبادته،


(١) في النسختين "صدق".
(٢) في (ن) والمطبوعة "لم ضر".
(٣) راجع "المنهاج": باب في إيمان المقلد والمرتاب (١/ ١٤٥ - ١٥٠).
(٤) في (ن) والمطبوعة "دنياوي".
(٥) في النسختين "يعقلون".

<<  <  ج: ص:  >  >>