للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأن دلالته على صدقه هي ما أيده به من كذا وكذا مما لا يستطيع الناس وإن تظاهروا أن يأتوا بمثله، وإنه إذا كان وأحد من الناس يجمعه وإياهم البشرية ثم يجمعه وأهل بلده الهواء والأرض والماء، وكان ما عدا هذا الذي يذكر أنه أمد به ليكون دلالة على صدقه لا يباين (١) فيه أحدا من الناس ويحتاج من الطعام والشراب إلى مثل ما يحتاجون إليه، ولا يقدر من الأشياء المعتادة إلا على مثل ما يقدرون عليه ويعجز عما يعجزون عنه، وجب أن يعلموا أنه من فعل هذا (٢) الذي اختص به مما هو خارج عن قضية العادات، عاجز مثلهم وإنه وإن (٣) كان عاجزا عنه وقد وجد به وظهر على يده حق أنه ليس من صنعه ولكن من صنع غيره، ولا جائز أن يكون ذلك الغير من جنسه أو مثله أو في القدرة نظيره إذ لو كان كذلك لاستحال وجوده (من غيره كما استحال وجوده) (٤) منه.

وفي ذلك ما يوجب أن يكون من صنع صانع لا يفعل الأشياء بمثل القوة والقدرة التي بها يصنع (٥) الصناع المشاهدون، وأنه كما لم شبه صنعه صنعهم فكذلك هو غير مشبه إياهم ولا جائز عليه من معاني النقص ما هو جائز عليهم، فانتظمت حجته هذه إثبات (٦) الصانع على من يجهله ولا يعترف به، وإثبات رسالته من عنده فمن أستسلم لحجته وصدقه في جميع قوله وأمن بجملة دعوته كان إثبات الرسول والمرسل منه معا في مقام واحد.

فهذا وجه الإيمان بالله إجابة لدعوة رسوله إليه وهذا إجابة بحجة ومن هذا الوجه كان إيمان عامة المستجيبين للأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم.

ثم قد كان فيهم من تنبه بعد فرأى ونظر وبحث فبصره (٧) الله من الدلائل ما شد به أزره وعصم دينه وقوى يقينه وطلب من هذا العلم ما ينصر به الدين ويجادل به أعداءه وينتصب (٨) به للدفع عنه.


(١) في المطبوعة "لأننا نرقبه"
(٢) في النسخ كلها "من فعل هذا الاله الذي" والتصحيح من "المنهاج".
(٣) في المنهاج "وأنه إذا" وهو الأصح.
(٤) سقطت العبارة بين العلامتلان من "ن".
(٥) وفي (ن) "صنع الصانع المشاهدات".
(٦) في (ن) "أمارات".
(٧) في (ن) والمطبوعة "فنصره الله".
(٨) في المنهاج "ينتصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>