للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عاصم الهروي أن شيخًا دخل على عبد الله بن المبارك فرآه على وسادة خشنة مرقعة قال فأردت أن أقول له فرأيت به من الخشية حتى رحمته فإذا هو يقول قال الله عزّ وجلّ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (١).

قال: لم يرض الله أن ينظر إلى محاسن المرأة فكيف بمن يزني بها.

وقال الله عزّ وجلّ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} (٢).

في الكيل والوزن فكيف بمن يأخذ المال كله؟

وقال الله عزّ وجلّ: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (٣).

ونحو هذا فكيف بمن يقتله؟ قال فرحمته وما رأيته فيه فلم أقل له شيئًا.

[٩٦٢] أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا الحارث ابن محمد، حدثنا العباس بن أبان، ذكره عن بعض العلماء قال: ذو الدين يخاف العقاب، وذو الكرم يخاف العار، وذو العقل يخاف التبعة.

[فصل]

قال الحليمي (٤) رحمه الله تعالى: وقد يجد الناس في أنفسهم الخوف من أشياء كثيرة، مثل خوف الوالد من موت ولده، أو ذهاب ماله، أو الغرق، أو الحرق، أو الهدم، أو ذهاب السمع والبصر، أو الوقوع بيد السلطان الجائر، أو الابتلاء بسبع، أو عدو من كان، وما يشبه ما ذكرنا من أصناف المكاره إلا أن هذا ينقسم إلى محمود ومذموم.

فالمحمود أن يكون الخوف من هذه الأمور لما يمكن أن يكون تحتها من سخط الله -عزّ وجلّ ثناؤه- فإنها قد تكون عقوبات ومؤاخذات. فمن خافها، فامتنع لأجلها من المعاصي ولم يأمن أن تغير عليه، كانت منزلته منزلة من امتنع من المعاصي خيفة


(١) سورة النور (٢٤/ ٣٠).
(٢) سورة المطففين (٨٣/ ١).
(٣) سورة الحجرات (٤٩/ ١٢).

[٩٦٢] الحارث بن محمد هو ابن أبي أسامة. صاحب "المسند".
• العباس بن أبان لم أعرفه.
(٤) راجع "المنهاج" (١/ ٥١١/ ٥١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>