للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من الأكل والشرب، نسوا الجوع والعطش وغفلوا عن شدتهما، وبحسب ذلك يجهلون موقع نعمة الله عليهم بالطعام والشراب، ويغفلون عن شكرها، ففرض الله عليهم الصوم مدة من المدد، ليستشعروا أن التمكن من الأكل والشرب لا يقع بمجرد وجود الطعام والشراب، ولكن يحتاج مع الوجود إلى إطلاق المولى وإباحته، فيكون ذلك أطرًا لإيمانهم، ثم يكفوا عنهما لوجهه فيكون ذلك عبادة لهم، ثم مجدوا خلال الكف توقانًا إليهما ويصروا فيكون ذلك إذكارًا بقدر النعمة التي كانت عليهم طول الدهر بالإطلاق والإباحة حتى إذا ردت إليهم شكروها، وأدوا حقها. وهذا لا شك أنه من أبواب التقوى وهو نظير ما قيل في الأمراض.

وفيه وجه آخر: وهو أن يكون المعنى {لَعَلَّكُمْ تتقُونَ} البخل وإهمال المحتاجين والتغافل عنهم. وذلك أن الجوع والعطش أمران جبل الناس عليهما، وفيهم أغنياء وضعفاء، فإذا استمر للأغنياء الأكل والشرب فهؤلاء لم يدروا ما الجوع، ففرض عليهم الصيام مدة، حتى إذا أحسوا من تأخر الطعام عنهم باليسير من الجهد، تذكروا بذلك حال من يطوي يومًا بليلته أو أكثر من ذلك لا صائمًا ولا طاعمًا لشدة فقره، فيصير ذلك سببًا لعطفهم على الضعفاء، والإحسان إليهم، وشكرهم نعمة الله عندهم.

ولا شك أن المواساة والإحسان من أبواب التقوى.

[٣٢٨٩] أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، وأبوزكريا بن أبي إسحاق المزكي، قالا حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف، حدثنا حامد بن أبي حامد، حدثنا إسحاق بن سليمان، قال سمعت حنظلة بن أبي سفيان، يقول سمعت عكرمة بن خالد يحدث طاوسًا أن رجلًا قال لعبد الله بن عمر: ألا تغزو؟ فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجِّ البيت".

أخرجاه في الصحيح (١) من حديث حنظلة.


[٣٢٨٩] إسناده: صحيح.
(١) أخرجه البخاري في الإيمان (١/ ٨) - ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (١/ ١٧ - ١٨ رقم ٦) - عن عبيد الله بر موسى، عن حنظلة به. ومسلم في الإيمان أيضًا (١/ ٤٥ رقم ٢٢) عن ابن نمير، عن أبيه، عن حنظلة به. =

<<  <  ج: ص:  >  >>