للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال (١) فقال: {اعبدوا ربكم الذي خلقكم} فكان أول ما ذكر من نعمه خلقه إياهم وهذه والله أعلم إشارة إلى نفس الخلق بهيئته الذي أولاها الحياة ثم العقل لأن الحي بالعقل يعلم نفسه ويعلم غيره ويعلم فاعله ويميز بين الشيء وضده.

قال أحمد: إذا ساعده التوفيق.

ثم الحواس الخمس التي هي مشاعر ضرورته وهي السمع الذي يدرك به الأصوات والبصر الذي يدرك به الألوان والشم الذي يدرك به الروائح واللمس الذي يدرك به خشونة الشيء ولينه والطعم الذي يدرك به مرارة الشيء وحموضته وحلاوته.

وقد ذكر الله تعالى هذه النعم في غير هذه الآية فقال: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} (٢)

وقال: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٣)

أي إنما جعل لكم هذه المنافع لتشكروه، ومعنى تشكروه: تستعملونها في طاعته خاصة ولا تستعملونها في معاصيه.

قال الشيخ أحمد (رحمه الله) (٤): ثم له في كل عضو من أعضاء بني آدم نعمة لا يقوم أحد بشكرها إلا بتوفيقه ومن شكرها المعرفة بأنها من الله جل ثناؤه ثم استعمالها في طاعة الله دون معصيته وبالله التوفيق.

ثم إن الله عز وجلّ يخلق الإنسان مستويًا معتدلًا منتصب القامة لا منكسا كالبهائم قال الله عز وجلّ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (٥)

قيل منتصب القامة شاخص الرأس والوجه، وقال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (٦)


(١) القائل هو الإمام الحليمي رحمه الله في "المنهاج" (٢/ ٥١٩).
(٢) سورة الملك (٦٧/ ٢٣).
(٣) سورة النحل (١٦/ ٧٨).
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من نسخة (ن).
(٥) سورة التين (٩٥/ ٤).
(٦) سورة الإسراء (١٧/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>