للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجمع ما تفرق منها في البحار وبطون السباع وغيرها حتى تصير بهيئتها الأولى، ثم يجمعها حية، فيقوم الناس كلهم بأمر الله تعالى أحياء، صغيرهم وكبيرهم حتى السقط الذي قد تم خلقه، ونفخ فيه الروح، فأما الذي لم يتم خلقه، أو لم ينفخ فيه الروح أصلاً، فهو وسائر الأموات بمنزلة واحدة واللّه تعالى أعلم.

وأما قول الله عز وجل في صفة القيامة:

{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} (١).

فإنما أراد الحوامل (٢) اللاتي متن (٣) بأحمالهن، فإذا بعثن أسقطن تلك الأحمال من فزع يوم القيامة (ثم إن كانت الأحمال أحياء في الدنيا أسقطنها يوم القيامة) (٤) أحياء، ولا يتكرر عليها الموت، وإن كانت الأحمال لم ينفخ فيها الروحُ في الدنيا، أسقطنها أمواتًا، كما كانت، لأن الإحياءَ إنما هو إعادة الحياة إلى من كان حيًا فأميت، ومن لم يكن له في الحياة نصيب فلا نصيب له في الحياة الآخرة.

وقد ذكر الله عز وجل في غير أية من كتابه إثبات البعث منها قول الله عز وجل {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} (٥).

وقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٦).

فاحال بقدرته على إحياء الموتى على قدرته على خَلْقِ السموات والأرض التي هي أعظم جسمًا من الناس.


(١) سورة الحج (٢٢/ ٢).
(٢) راجع ما قاله الحليمي في "المنهاج" (١/ ٣٤٥). وفي الأصل "الحامل".
(٣) في المطبوعة "لم يضعن أحمالهن" موضع "متن بأحمالهن".
(٤) العبارة بين القوسين سقطت من ن.
(٥) سورة يس (٣٦/ ٨١).
(٦) سورة الأحقاف (٤٦/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>