للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأعلمنا (١) أنه إذا أخرج النطفة من صلب الأب فهي ميتة، ثم إنه جل ثناؤه جعلها حية في رحم الأم (٢)، يخلق من يخلق منها، ويركب الحياة فيه فهذا إحياء ميتة في المشاهدة، فمن يقدر على هذا لا يعجز عن أن يميت هذا الخلق، ثم يعيده حيًّا. ثم بسط هذا المعنى في أية أخرى فقال: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى. ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى. فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى. أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (٣).

ونبهنا على ذلك بفلق (٤) الحب والنوى فقال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} (٥).

وذلك أن الحب إذا جف ويبس بعد انتهاء نمائه، وقع (٦) اليأس من ازدياده، وكذلك النوى إذا تناهى عظمه وجف ويبس كانا ميتين، ثم إنهما إذا أودعا الأرض الحية فلقهما الله تعالى، وأخرج منهما ما يشاهد من النخل والزرع حيًّا ينشأ وينمو إلى أن يبلغ غايته، ويدخل في هذا المعنى البيضة تفارق البائض، ويجري عليها حكم الموت، ثم يخلق الله منها حيًّا فهل هذا إلا إحياء الميتة، وهو أمر مشاهد والعلم به ضروري.

وقد نبهنا الله عز وجل على إحياء الموتى بما أخبر (٧) من إراءة إبراهيم عليه السلام إحياء الأموات، وقد نقلته عامة أهل الملل.

وبما أخبر (٨) به عن الذين خرجوا (٩) من ديارهم، وهم ألوف حذر الموت، فقال لهم الله: موتوا ثم أحياهم.


(١) كذا في الأصل وفي (ن) والمطبوعة "ما علمتم".
(٢) وفي جميع النسخ "الرحم الأم".
(٣) سورة القيامة (٧٥/ ٣٧ - ٤٥).
(٤) هذا هو الأوجه الأصوب. وفي جميع النسخ "بخلق" (بالخاء).
(٥) سورة الأنعام (٦/ ٩٥).
(٦) في (ن) "ووقع".
(٧) انظر سورة البقرة (٢/ ٢٦٠).
(٨) نفس السورة (٢/ ٢٤٣).
(٩) في (ن) "أخرجوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>