للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعض التغطية، ولا يحجبه عما يشاهده، وهو كالغيم الرقيق الذي يعرض في الهواء، فلا يكاد يحجب عن الشمس، ولا يمنع ضوءها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر أنه يغشى قلبه ما هذه صفته، وذكر أنه ليستغفر الله في كل يوم مائة مرة.

[٦٦٢٥] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: سمعتُ الأستاذ أبا سهل محمد بن سليمان الحنفي يقول: قوله "ليغان على قلبي" له تأويلان: أحدهما: مختص به أهل الإشارة، وهو حملهم إياه على غشية السكرة التي هي الصحو في الحقيقة، ومعنى الاستغفار عقيبها على التخسير للكشف عنها، وأهل الظاهر يحملونها على الخطرات العارضة للقلب، الطلبات الواردة عليه، الشاغلة له بهذه الغشية الملابسة، ثم يستدركها - صلى الله عليه وسلم - بالاستغفار والإنابة والرجوع منها إلى ربه عاتبا على قلبه. فإذا كان الرسول لمج - صلى الله عليه وسلم - هذا وصفه فما ظنك بالخليقة المنهمكة في الهلكة، وبالله العياذ وبه الاعتصام وعليه التوكل.

قال الإمام أحمد: ومن أهل العلم من حمل ذلك على ما يهمه من أمر أمته حين أخبر بما يكون فيهم من الآفات، والاستغفار الذي كان بعده كان لأمته.

قلتُ: ومنهم من زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان نقله من حال إلى حال هو أرفع منه، فإذا رفع إلى درجة رأى ما نقل عنها تقصيًرا في واجب حق الله، فرأى ذلك غينًا يجب له الاستغفار منه.

[٦٦٢٦] أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي، قال: سمعتُ عبد الواحد بن محمد الأصبهاني، قال: سمعتُ بندار بن الحسين الصوفي يقول: الغين ثقل مطالبة الحق على قلب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان مطالبا بالأوامر، فكان إذا أمر بأمر التزمه، فكان يثقل عليه إلى أن يدخل فيه، قال الله عز وجلّ: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} (١).


[٦٦٢٥] إسناده: جيد.

[٦٦٢٦] إسناده: جيد.
والأثر ذكره السلمي في "طبقات الصوفية" (ص ٤٦٩) وفيه "الإغانة" موضع "الغين".
(١) سورة المزمل (٧٣/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>