للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصبحت، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله، فأما أسامة فإنه أشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم من الود لهم، قال: يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلا خيرًا، وأما علي فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء لكثير سواها وسل الجارية تصدقك، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة فقال: "يا بريرة هل رأيت على عائشة شيئًا تنكرينه (١) عليها؟ " قالت: لا، والذي بعثك بالحق ما رأيت على عائشة شيئًا أغمصه (٢) عليها غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن (٣) فتأكله، قالت عائشة: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر حين استلبث الوحي يستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول فقال: "يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغ أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا وهو معي" فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: يا رسول الله أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، فقام سعد بن عبادة الخزرجي- وهو سيد الخزرج- وكان قبل ذلك رجلًا صالحا، ولكن احتملته الحمية- فقال لسعد بن معاذ: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله، فقام سعد ابن (٤) معاذ فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم حتى سكتوا، قالت عائشة: وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع (٥) ولا أكتحل بنوم ولا أظن البكاء إلا فالق كبدي، قالت: فبينا أنا أبكي


(١) في "ل" "تكرهينه" وفي هامشه "تنكرينه".
(٢) أغمصه: أي أعيبه، وفي "ل" "أغمضته".
(٣) الداجن: الشاة التي تألف البيت ولا تخرج إلى المرعى وقيل: هي كل ما يالف البيوت مطلقًا شاة أو طيرا.
(٤) في جميع النسخ عندنا "سعد بن معاذ" ولكن في هامش نسخة "ل" وصحيح البخاري ومسلم "أسيد بن حضير" وكذا عند الواحدي في "أسباب النزول".
وعند أبي يعلى في "مسنده" والطبراني في "الكبير" وغيرهم وهو الأشبه عندي أيضًا، والله أعلم.
(٥) قوله "لا يرقأ لي دمع": أي لا ينقطع.
وقوله "لا اكتحل بنوم": أي لا أنام.

<<  <  ج: ص:  >  >>