للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإلى (معنى) (١) هذا ذهب الحليمي (٢) رحمه اللّه وقال التقدير إنما هو لعروج

الملائكة والروح من الأرض يعني إلى العرش.

وقد قال في غير هذه السورة: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (٣).

فيحتمل أن يكون المعنى أنها تنزل من السماء إلى الأرض، ثم تعرج من الأرض إلى السماء الدنيا في يومها، فتقطع ما لو احتاج الناس إلى قطعها من المسافة لم يقطعوها إلا في ألف سنة مما تعدون، وينزل من عند العرش إلى الأرض ثم يعرج منها إليه من يومها، ولو احتاج الناس إلى قطع هذا المقدار من المسافة لم يقطعوها إلا في خمسين ألف سنة مما تعدون، وليس هذا من تقدير يوم القيامة بسبيل وإنما هو من صلة قوله {ذِي الْمَعَارجِ} وقوله: {انَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا. وَنَرَاهُ قَرِيبًا} (٤).

عاد إلى ذكر العذاب الذي وصفه في أول السورة وأكد هذا مما حكي عن وهب ابن منبه (٥) أنه قال:- (إن) ما بين الأرض والعرش خمسين ألف سنة من أيامنا وشهورنا وسنينا

قال: ويمكن أن يقال: إن الملائكة كانت تستطيع قبل يوم القيامة أن تنزل إلى

الأرض من أعلى مقام لهم في السموات وفوقها، ثم تعرج إليه في يوم كان مقداره ألف

سنة فأما يوم القيامة فلا تستطيع ذلك، إما لأن السموات إذا طويت لم يكن لهم يومئذ

مصعد يقرون فيه، وإما لما يشاهدون من عظمة الله وشدة غضبه ذلك اليوم على أهل

العناد من عباده، فيفتر قواهم فيحتاجون إلى العروج إلى مدة أطول مما كانوا يحتاجون

إليه منها قبله فقدّر الله ذلك بخمسين ألف سنة. على معنى أن غيرهم لو قطعها لم يقطعها إلا في خمسين ألف سنة، وهكذا كما جاءت به الأخبار (٦) من أن العرش على


(١) زيادة من الأصل.
(٢) راجع "المنهاج" (١/ ٣٣٩).
(٣) سورة السجدة (٣٢/ ٥).
(٤) سورة العارج (٧٠/ ٧).
(٥) ذكره السيوطي في الدر المنثرر، (٨/ ٢٨٠) ونسبه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد وأبي الشيخ في
العظمة.
(٦) أخرجه ابن جرير في "تفسيره" و عن ابن زيد مرسلًا (٢٩/ ٥٨ - ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>