للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحليمي (١) رحمه الله: قال الله عز وجلّ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (٢) فأخبر أن ما يصيب من زوال نعمة عليهم فإنما سببه حادث وقع منهم، إما ترك الشكر، وإما ارتكاب معصية، وقد يجوز أن يكون هذا الكلام خارجًا على الأغلب والأكثر، فإذا كان هكذا فلا تجزعوا من المصيبة إذا وقعت، فارجعوا باللوم عْلى أنفسكم، أو تحفظوا من الأسباب المؤدية إلى المصائب التي يمكن بحكم العادة أن تدوم كالصحة والثروة والذكر الحسن والعلم والحكمة ونحوها، وقال: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} (٣) فيحتمل- والله أعلم- ما أصاب من مصيبة عامة ولا خاصة إلا وقد كتبها الله في اللوح المحفوظ من قبل أن يوقعها وينزلها، فقد أعلمكم ذلك، وبينه لكم: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (٤) وتعلموا أن العطية كانت مقدرة بالوقت الذي جاورتكم فيه، ومن أعطي شيئًا إلى وقت لم ينبغي له إذا استرجع منه بعد ذلك الوقت أن يحزن {وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} (٤) أي لا تأشروا وتبطروا به، وتتكبروا على من لم يؤت مثل ما أوتيتم؛ لأنه عارية عندكم، وليست بملك، فإن حقيقة الملك لله عز وجلّ، وليس للمستعير أن يتمتع بالعارية؛ لأنه لا يأمن في كل لحظة أن يسترجعها منه صاحبها، فيعم الدنيا كلها هكذا.

قال الإمام أحمد رحمه الله: وقد ورد في هذا ما


= وأخرجه. البخاري في الفتن (٨/ ٨٨) من طريق محمد بن عرعرة، ومسلم في الإمارة- بدون ذكر اللفظ- (٢/ ١٤٧٤) والنسائي في القضاة (٨/ ٢٢٤) من طريق خالد بن الحارث، ومسلم في الإمارة ولم يسق لفظه (٢/ ١٤٧٤) من طريق معاذ العنبري، وأحمد في "مسنده" (٤/ ٣٥٢) عن محمد بن جعفر، والطبراني في "الكبير" (١/ ٢٠٤ رقم ٥٥١) من طريق عفان، كلهم عن شعبة به.
ورواه أحمد في "مسنده" (٤/ ٣٥١) عن يزيد بن هارون به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (١/ ٢٠٤ رقم ٥٥١) عن إدريس بن جعفر العطار عن يزيد بن هارون به.
وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص ٢٥٦)، ومن طريقه الترمذي في الفتن (٤/ ٤٨٢ رقم ٢١٨٩) عن شعبة به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ومر حديث عبد الله بن مسعود في هذا الكتاب فراجعه.
(١) راجع "المنهاج" (٣/ ٣٦٨ - ٣٦٩).
(٢) سورة الشورى (٤٢/ ٣٠).
(٣) سورة الحديد (٥٧/ ٢٢).
(٤) سورة الحديد (٥٧/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>