للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحد منهما قول يتردد بين أن يطاع قائله وبين أن يعصى فمن سمع خبرا فلم يستشعر في نفسه جوازَ أن يكون كذبا واعتقد أنه حق وصدق فكأنما آمن (١) نفسه باعتقاد ما أعتقد فيما سمع من أن يكون مكذوبا أو ملبسا عليه، ومن سمع أمرا أو نهيا فاعتقد الطاعة له فكأنما آمن نفسه باعتقاد ما اعتقد فيما سمع من أن يكون مظلوما أو مستسخرا (٢) أو محمولا على ما لا يلزمه قبوله والانقياد له، فمن ذهب إلى هذا أنزل قول القائل: أمنت بكذا. والمراد آمنت نفسي، منزلة قولهم (٣) وطنت (٤) نفسي أو حملت نفسي على كذا أو يكون تركهم ذكر النفس في قولهم: "آمنت" اختصارا لكثرة الاستعمال كما يقال: بسم الله بمعنى بدأت أو: أبدأ بسم الله.

قال (٥): وفيه وجه آخر: وهو أن يكون معنى آمنت أي آمنت مخبري أو الداعي لي من التكذيب (٦) والخلاف بما صرحت له به من التصديق والوفاق ثم الإيمان (٧) الذي يراد به التصديق لا يعدى إلى من يضاف إليه ويلصق به إلا بصلة. وتلك الصلة قد تكون باء وقد تكون لاما وقد ورد الكتاب بكل واحد منهما.

فالإيمان (٨) بالله عز وجل ثناؤه: إثباته والاعتراف بوجوده والإيمان له: القبول عنه

والطاعة له.

والإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إثباته والاعتراف بنبوته.

والإيمان للنبي - صلى الله عليه وسلم - اتباعه وموافقته والطاعة له.

ثم إن (٩) التصديق الذي هو معنى الإيمان بالله وبرسوله منقسم فيكون منه ما يخفى وينكتم وهو الواقع منه بالقلب ويسمى اعتقادا ويكون منه ما ينجلي ويظهر وهو الواقع باللسان ويسمى إقرارا وشهادة، وكذلك الإيمان لله (١٠)


(١) في (ن) والمطبوعة "امن في نفسه".
(٢) "مستسخراً" كذا في الأصل وهو مطابق و في "المنهاج" واستسخر: استهزأ، قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ} (الصافات ٣٧/ ١٤)، وفي المطبوعة: "متحسراً" أي متلهفاً، وفي (ن) (مستحسرا" (بالحاء المهملة) وهو استفعال من حسر: إذا أعليى وكلّ.
(٣) في (ن) والطبوعة "قوله".
(٤) في (ن) "وظننت".
(٥) أي الحليمي في "المنهاج" (١/ ١٩).
(٦) في (ن) والمطبوعة "من الكذب".
(٧) راجع "المنهاج" (١/ ٢٠).
(٨) أيضا (١/ ٢١).
(٩) أيضاً (١/ ٢٥).
(١٠) في المطبوعة "بالله" وهو خطا.

<<  <  ج: ص:  >  >>