للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهي إمَّا أنْ تَكون حَائلًا أو حَامِلًا؛ فإن كانت حَامِلًا فَعِدَّتُها بِوضْع الْحَمْل لا بالأقْرَاء، قال الله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)، وأمَّا إنْ كَانت حَائلًا، فأمَّا أن يَكون الْحَيض مُمْكِنًا في حَقِّها، أوْ لا يَكُون، فإن امْتَنَع الْحَيض في حَقِّها إمَّا للصِّغَر الْمُفْرط، أو للكِبَر الْمُفْرِط، كَانَتْ عِدَّتُها بالأشْهُر لا بالأقْرَاء، قال الله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ)، وأمَّا إذا كَان الْحَيْض في حَقِّها مُمْكِنًا، فإمَّا أنْ تَكون رَقِيقَة، وإما أنْ تَكُون حُرّة .... أمَّا إذا كَانَتْ الْمَرْأة مَنْكُوحَة، وكانَت مُطَلَّقة بَعد الدُّخُول، وكَانت حَائلًا، وكَانَت مِنْ ذَوات الْحَيض، وكَانت حُرّة، فَعِنْد اجْتِمَاع هذه الصِّفَات كانت عِدَّتها بالأقْراء الثَّلاثة، على مَا بَيَّن الله حُكْمَها في هذه الآية.

ثم بيَّن أن:

غير الْمَدْخُول بها تُخْرِجُها القَرينَة؛ لأنَّ الْمَقْصُود مِنْ العِدّة بَرَاءة الرَّحِم، والْحَاجَة إلى البَرَاءة لا تَحْصُل إلَّا عِند سَبْق الشّغْل، وأمَّا الْحَامِل والآيسَة فَهُما خَارِجَتَان عن اللفْظ، لأن إيجَاب الاعْتِدَاد بالأقْرَاء إنّمَا يَكُون حَيث تَحْصُل الأقْرَاء، وهَذان القِسْمَان لم تَحْصُل الأقْرَاء في حَقِّهما، وأمَّا الرَّقِيقَة (١) فَتَزْويجها كالنَّادِر؛ فَثَبَتَ أنَّ الأعَمّ الأغْلَب بَاقٍ تَحْت هذا العُمُوم (٢).

وبَيَّنَ ابنُ كَثير ما خَرَج عن عُمُوم قَولِه تَعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) فقال: هَذا أمْر مِنْ الله سبحانه وتَعالى للمُطَلَّقَات الْمَدْخُول بِهِنّ مِنْ ذَوات الأقْرَاء، بأنْ يَتَرَبَّصْن بأنْفُسِهِنّ ثَلاثة قُرُوء، أي: بأن تَمْكُث إحْدَاهُنّ بَعد طَلاق زَوجِها لها ثَلاثة قُرُوء ثم تَتَزَوَّج إنْ شَاءت، وقَد أخْرَج الأئمة الأرْبَعة مِنْ هَذا العُمُوم الأمَة إذا طُلِّقَتْ، فإنها


(١) أي: الأمَة المملوكة.
(٢) التفسير الكبير، مرجع سابق (٦/ ٧٤) باختصار.

<<  <   >  >>