للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عنه ابن فرحون: الشَّيْخ الإمَام أبو عبد الله الأنصاري الأنْدَلُسي القرطبي، الْمُفَسِّر، كان مِنْ عِبَاد الله الصَّالِحِين، والعُلَمَاء العَارِفِين الوَرِعِين الزَّاهِدِين في الدُّنيا الْمَشْغُولِين بِمَا يَعْنِيهم مِنْ أمُور الآخِرَة، أوْقَاتُه مَعْمورَة مَا بَيْن تَوَجُّه وعِبَادَة وتَصْنِيف (١) وتَصْنِيف (٢).

وقال: جَمَع في تَفْسِير القُرْآن كِتَابًا كَبِيرًا في اثْنَي عَشَر مُجَلَّدًا، سَمَّاه كِتاب "جَامِع أحْكَام القرآن والْمُبِين لِمَا تَضَمَّن مِنْ السُّنَّة وآي القُرآن" وهو مِنْ أجَلّ التَّفَاسِير وأعْظَمها نَفْعًا، أسْقَط مِنه القَصَص والتَّوَارِيخ وأثْبَت عِوَضَها أحْكَام القرآن واسْتِنْبَاط الأدِلَّة، وذَكَر القِرَاءات والإعْرَاب، والنَّاسِخ والْمَنْسُوخ (٣).

قال ابن فَرْحُون وهو يَذْكُر مُؤلَّفَات القرطبي: وكِتاب "التِّذْكَار في أفْضَل الأذْكَار" وَضَعَه على طَرِيقَة "التِّبْيَان" للنووي، لكن هذا أتَم مِنه، وأكْثَر عِلْمًا (٤).

وقال عن كتاب "قَمْع الْحِرْص بِالزُّهْد والقَنَاعَة وَرَدّ ذُلّ السُّؤالِ بِالكَسْب والصِّنَاعَة": لَم أقِف على تَألِيف أحْسَن مِنه في بَابِه (٥).

وقد أحْسَن ابن تيمية الثَّنَاء على القرطبي، حيث سُئل ابن تيمية "أيّ التَّفَاسِير أقْرَب إلى الكِتَاب والسُّنَّة؟ الزمخشري، أم القرطبي، أم البغوي أوْ غير هؤلاء؟ "

فكان مِمَّا أجَابَ بِه - مُقَارِنًا بين تفسير القرطبي وبين تفسير الزمخشري: وتَفْسِير القرطبي خَيْر مِنه بِكَثِير، وأقْرَب إلى طَرِيقَة أهْل الكِتَاب والسُّنَّة وأَبْعَد عن البِدَع (٦).


(١) الدِّيباج المذَهَّب، مرجع سابق (ص ٣١٧).
(٢) الدِّيباج المذَهَّب، مرجع سابق (ص ٣١٧).
(٣) المرجع السابق (ص ٣١٧).
(٤) المرجع السابق، الموضع السابق.
(٥) المرجع السابق، الموضع السابق.
(٦) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٣/ ٣٨٥ - ٣٨٧).

<<  <   >  >>