للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالت فِرقة: معناه تنشق الأرض فيحصلون فيها، ثم تَتَسَوّى هي في نفسها عليهم وبِهِم.

وقالت فِرقة: معناه لو تَستوي هي معهم في أن يكونوا ترابا كالبهائم.

وقوله تعالى: (وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا) معناه عند طائفة: أن الكفار لِمَا يرونه من الهول وشدة المخاوف يَوَدّون لو تُسوى بهم الأرض فلا ينالهم ذلك الخوف.

ثم اسْتَأنَف الكلام، فأخْبَر أنهم لا يَكتمون الله حديثًا لِنُطْقِ جوارحهم بذلك كله، حين يقول بعضهم: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ)، فيقول الله سبحانه: كَذَبْتُم، ثم تَنْطِق جوارحهم فلا تَكْتُم حديثًا؛ وهذا قول ابن عباس.

وقالت طائفة: الكلام كلّه مُتَّصِل؛ وودّهم أن لا يَكتموا الله حديثًا؛ إنما هو ندم على كذبهم حين قالوا: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) (١).

واقتصر القاسمي على القول بأنهم "يَعترفون بِجميع ما فعلوه، لا يَقدِرون على كتمانه؛ لأن جوارحهم تشهد عليهم. أو (الواو) للحال: أي يَودّون أن يُدْفَنوا في الأرض وحالهم أنهم لا يكتمون من الله حديثًا، ولا يَكْذِبونه بقولهم: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٢).

واختار ابن سعدي قولًا واحدًا، وجَمَع بين الأقوال بأن الكفّار "يَعترفون له بما عَمِلُوا، وتشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، يومئذ يوفيهم الله دِينهم: جزاءهم الحق، ويعلمون أن الله هو الحق المبين (٣). فأما ما وَرَدَ مِنْ أن الكفار


(١) الجواهر الحسان، مرجع سابق (١/ ٣٧٥، ٣٧٦).
(٢) محاسن التأويل (٥/ ١٢٠).
(٣) يُشير إلى ما وَرَد في قوله تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) [النور: ٢٤، ٢٥].

<<  <   >  >>