للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحَكى الطَّبَري (١) أن مَقْصد النبي صلى الله عليه وسلم بِمَنْع الصَّدقة إنّما كَان ليُسْلِمُوا ويَدْخُلوا في الدِّين، فَقَال الله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ).

وقيل: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ) ليس مُتَّصِلًا بِمَا قَبْل فَيكُون ظَاهِرًا في الصَّدَقَات وصَرْفها إلى الكُفَّار، بل يَحْتَمِل أن يَكُون مَعْناه ابْتدَاء كَلام (٢).

قال القرطبي:

قال عُلَمَاؤنا: هذه الصَّدَقة التي أُبِيحَتْ لهم حَسب مَا تَضَمَّنَتْه هَذه الآثار هي صَدَقَة التَّطَوُّع، وأمَّا الْمَفْرُوضَة فَلا يُجْزِئ دَفعها لِكَافِر، لقَوله عليه السلام: أُمِرْت أن آخُذ الصَّدَقة مِنْ أغْنيائكم وأرُدّها في فُقَرَائكم (٣).

قال ابن المنذر: أجْمَع (٤) كُل مَنْ أحْفَظ عَنه مِنْ أهْل العِلْم أنَّ الذَّمِّي لا يُعْطَى من زَكَاة الأمْوال شَيئا.

وقال المهدوي: رُخِّص للمُسْلِمِين أن يُعْطُوا الْمُشْرِكِين مِنْ قَرَابَاتهم مِنْ صَدَقَة الفَرِيضَة لِهَذه الآيَة.

قال ابن عطية (٥): وهذا مَرْدُود بالإجْمَاع، والله أعلم.


(١) جامع البيان، مرجع سابق (٥/ ١٩).
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٣/ ٣١٩، ٣٢٠) وهذا الكلام بحروفه في المُحرَّر الوجيز، مرجع سابق (١/ ٣٦٧).
(٣) لم أرَه بهذا اللفظ مسندًا. وفي الصحيحين: البخاري (ح ١٣٣١)، ومسلم (ح ١٩) من حديث ابن عباس مرفوعًا بلفظ: فأعْلِمْهُم أن الله افتَرَض عَليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وتُرَدّ على فقرائهم.
ورواه الإمام أحمد (ح ٢٣١٧٦)، والبخاري في الأدب المفرد (ح ١٠٨٤) من طريق ربعي بن حراش قال: حدثني رجل من بني عامر أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم - وفيه -: وتأخُذُوا مِنْ مَال أغنيائكم فَتَرَدُّوها على فقرائكم.
(٤) وممن حكى الإجماع ابن عبد البر، وسيأتي في رأي الباحث.
(٥) المحرر الوجيز، مرجع سابق (١/ ٣٦٧) وابن عطية نقل ما ذكره القرطبي عن ابن المنذر وعن المهدوي ثم قال: وها مردود عندي.

<<  <   >  >>