للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصْل في مُسَمَّى الإيمان والإسْلام التَّغَايُر لِحَدِيث جِبْرِيل (١)، وقد يَكُون بِمَعْنَى الْمُرَادَفَة، فيُسَمّى كُلّ واحِد مِنهما باسْمِ الآخَر، كَمَا في حَديث وَفْدِ عَبد القَيس (٢)، وأنَّه أمَرَهم بالإيمان بِالله وَحْدَه، وقَال: هَلْ تَدْرُون مَا الإيمان؟ قَالوا: الله ورَسوله أعْلم قال: شَهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رَسول الله، وإقَام الصَّلاة، وإيتَاء الزَّكاة، وصَوْم رَمَضَان، وأن تُؤَدُّوا خُمْسًا مِنْ الْمَغْنَم … الْحَديث. وكذلك قَوله صلى الله عليه وسلم: الإيمان بِضْع وسَبْعُون بَابًا، فأدْنَاها إمَاطَة الأذَى، وأرْفَعها قَول لا إله إلا الله. أخْرَجَه الترمذي (٣)، وزاد مسلم (٤): والْحَيَاء شُعْبَة مِنْ الإيمان.

ويَكُون أيضًا بِمَعْنَى التَّدَاخُل، وهو أن يُطْلَق أحَدُهما ويُرَاد به مُسَمَّاه في الأصْل ومُسَمَّى الآخَر كَمَا في هذه الآية (٥)، إذ قد دَخَلَ فيها التَّصْدِيق والأعْمَال.


(١) رواه البخاري (ح ٤٤٩٩)، ومسلم (ح ٩) من حديث أبي هريرة. وهو مَشهُور مِنْ حديث عمر: رواه مسلم (ح ٨).
(٢) رواه البخاري (ح ٤١١٠)، ومسلم (ح ١٧). وبوّب البخاري (١/ ٢٧): باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان وعِلم الساعة وبيان النبي صلى الله عليه وسلم له، ثم قال: جاء جبريل عليه السلام يُعلّمكم دينكم؛ فجعل ذلك كله دِينًا، وما بَيّن النبي صلى الله عليه وسلم لِوفْدِ عبد القيس من الإيمان، وقوله تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) [آل عمران: ٨٥].
(٣) رواه البخاري (ح ٩) إلا أن في روايته: الإيمان بضع وستون شعبة. ورواه مسلم (ح ٣٥) في رواية على الشكّ "بِضْع وسَبْعُون أو بضْع وسِتُّون"، وفي روايته على غير الشكّ. والحديث مُخرّج في السّنن، وهو عند الترمذي بِرقم (٢٦١٤).
(٤) هذه الزيادة في الصحيحين، في الموضعين السابقين.
(٥) عَقَدَ السعدي قاعدة، وهي أنّ (بعض الأسْمَاء الواردة في القُرآن الكريم إذا أُفْرِد دَلّ على الْمَعْنَى العَامَّ الْمُنَاسِب له، وإذا قُرِن مع غَيره دَلّ على بَعض الْمَعْنَى، ودَلّ ما قُرِن مَعه على بَاقِيه). (القَواعد الْحِسَان ص ٤٧).

<<  <   >  >>