للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقَال بَعْضُهم: لِنُزُول هَذه الآيَة سَبَب آخَر - ثم ذَكَر مَا جَاء عن اليَهُود، وأنّ الآية نَزَلتْ في الردّ عليهم - (١).

وأما السَّمْعَاني فَذَكَر في الآيَة أرْبَعَة أقْوَال:

أحَدُهما: أنها نَزَلَتْ في نَسْخ القِبْلَة.

والقَول الثَّاني: ما رَوَى عُمر (٢) أنَّ رسول الله كان يُصَلِّي على رَاحِلَتِه أيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِه رَاحِلَتُه، فَنَزَلَتْ الآيَة في إبَاحَة النَّافِلَة على الرَّاحِلَة أيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِه الرَّاحِلَة.

والقَول الثَّالِث: عن جَابر رضي الله عنه أنه قَال: كُنَّا في سَفَر فاشْتَبَهَتْ علينا القِبْلَة، فَصَلّى كُلّ وَاحِد مِنَّا إلى جِهَة، وخَط بَيْن يَدَيه خَطًّا، فَلَمَّا أصْبَحْنَا فإذا الْخُطُوط إلى غَيْر القِبْلَة، فَسَألْنَا عن ذلك رَسُول الله فَلَم يَأْمُرْنا بِالإعَادَة، وَنَزَلَتْ الآيَة في مَعْنَاه.

والقَول الرَّابِع: أنّها نَزَلَتْ في ابْتِدَاء الإسْلام حين لم تَكُنْ القِبْلَة مَعْلُومَة، وجَازَتِ الصَّلاة إلى أي جِهَة شَاءوا؛ فَعَلى هَذا تَكُون الآيَة مَنْسُوخَة بِآية القِبْلَة، وهَذا قَول غَرِيب.

ثم بيَّن السمعاني الْمَقْصُود بِالوَجْه في الآيَة، وأنه صِفَة لله عَزّ وَجَلّ (٣).

وحَكى ابن عبد البَرّ الْخِلاف في سَبَب النُّزُول، حَيث قال: واخْتَلَف أهْل العِلْم في الْمَعْنَى الذي فيه نَزَلَتْ: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ).

فَقَال ابن عمر وطَائفة: نَزَلَتْ في الصَّلاة على الرَّاحِلَة.

وقيل: نَزَلَتْ في قَول اليَهُود في القِبْلَة.


(١) بحر العلوم، مرجع سابق (١/ ١١٣)، وبهذه الأقوال قال الثعلبي في "الكشف والبيان" (١/ ٢٦٢).
(٢) تَقدّم أنه عن ابن عمر، وهو في صحيح مسلم.
(٣) تفسير القرآن، مرجع سابق (١/ ١٢٨، ١٢٩). قال ابن تيمية: وليسَتْ هَذه الآية مِنْ آيَات الصِّفَات.
(مجموع الفتاوى ٣/ ١٩٣)، وسيأتي مزيد بين لهذا في مبحث "أثَر عَقيدة القرطبي في تَوَهُّم التَّعَارُض".

<<  <   >  >>