للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ ضَحِك رَبّ العِزَّة سُبحانه وتَعالى مِنْ رَجُلَين يَقتُل أحَدُهما صَاحِبه، يَدخُلان الْجَنَّة، فَسُئِل: كَيْف يَا رَسُول الله؟ قال: يُقَاتِل هَذا في سَبِيل الله عَزَّ وَجَلَّ فيُسْتَشْهَد، ثم يَتُوب الله عَلى القَاتِل فيُسْلِم، فيُقَاتِل في سَبِيل الله عَزَّ وَجَلّ فيُسْتَشْهَد (١).

فَقَاتِل الْمُؤمِن غَالِبًا لا يُوفّق للتَّوْبَة، ومِثْله مَنْ اتَّخَذ دِينَه غَرَضًا ولَهْوًا ولَعِبًا، فَهَذا غَالِبًا لا يُوفَّق للتَّوبَة.

وقَوْل مَنْ قَال بِاخْتِصَاص اليَهُود بِذَلك لَه وَجْه قَويّ، إذ أنَّ اليَهُود أهْل عِلْم وعِنَاد، ولِذا قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَو آمَن بِي عَشَرة مِنْ اليَهُود لآمَن بي اليَهُود (٢).

وقد عَرَض الله التَّوْبة على مَنْ زَعَمُوا لَه الصَّاحِبَة والوَلَد، فَقال سُبحانه وتَعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة: ٧٣، ٧٤].

وعَرَضَها على الْمُنَافِقِين، فأخْبر عَزّ وجَلّ أنه يَقبَل تَوْبَة مَنْ تَاب مِنهم بِقَوله: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: ١٤٥، ١٤٦].

وقال تَعالى في عُمُوم قَبُول التَّوبَة حَتى مِمَّنْ أشْرَك به: (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأعراف: ١٥٣]، وقَد "نَبَّه تَعَالى عِبَادَه


(١) الحديث مخرج في الصحيحين: البخاري (ح ٢٦٧١)، ومسلم (ح ١٨٩٠).
(٢) رواه البخاري (ح ٣٧٢٥)، ومسلم (ح ٢٧٩٣).

<<  <   >  >>