للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ويَقُول: أخْرِجُوا مَنْ كَان في قَلْبِه وَزْن دِينَار مِنْ الإيمان، ثم قال: مَنْ كَان في قَلْبِه وَزْن نِصْف دِينَار، حَتى يَقُول: مَنْ كان في قَلبه وَزْن ذَرَّة. قال أبو سعيد: فَمَنْ لَم يُصَدِّق فَلْيَقْرَأ هذه الآية: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) إلى: (عَظِيمًا) (١).

وفي حديث أبي هريرة إخْرَاج أهْل الإيمان مِنْ النَّار، ويُعْرَفُون بآثَار السُّجُود (٢).

وأمَّا قَوله صلى الله عليه وسلم حِكاية عن جِبريل عليه الصلاة والسلام: "بَشِّر أُمّتك أنه مَنْ مَات لا يُشْرِك بِالله شَيئا دَخَل الْجَنَّة". فَمَعْنَاه: أنه يَدخُل الْجَنَّة وإنْ طُهِّر، "وليس فِيه مَا يَنْفِي أنه يُعَذّب قَبل ذَلك، كَمَا أنه ليس في الآيَة ما يَنْفِي أنه قد يَدْخُل الْجَنَّة بَعْد التَّعْذِيب عَلى مَعْصِيَة الزِّنَا" (٣).

قال النووي: وأمَّا حُكْمُه صلى الله عليه وسلم على مَنْ مَات يُشْرِك بِدُخُول النَّار، ومَن مَات غَير مُشْرِك بِدُخُولِه الْجَنَّة؛ فَقد أجْمَع عليه الْمُسْلِمُون، فأمَّا دُخُول الْمُشْرِك النَّار فهو على عُمُومه فَيَدْخُلها ويُخَلّد فِيها، ولا فَرْق فِيه بَيْن الكِتَابِي اليَهُودِي والنَّصْرَاني، وبَيْن عَبَدَة الأوْثَان وسَائر الكَفَرَة، ولا فَرْق عِند أهْل الْحَقّ بَيْن الكَافِر عِنَادًا وغَيره، ولا بَيْن مَنْ خَالَف مِلَّة الإسْلام وبَيْن مَنْ انْتَسَب إلَيها، ثم حُكِم بِكُفْرِه بجَحْده مَا يَكْفُر بِجَحْدِه وغَير ذلك، وأمَّا دُخُول مَنْ مَات غَير مُشْرِك الْجَنَّة فهو مَقْطُوع لَه بِه، لكِن إنْ لَم يَكُنْ صَاحِب كَبِيرَة مَات مُصِرًّا عَليها دَخَل الْجَنَّة أوَّلًا، وإنْ كان صَاحِب كَبِيرَة مَات مُصِرًّا عليها فَهو تَحْت الْمَشِيئَة، فإنْ عَفَا عنه دَخَل أوَّلًا، وإلَّا عُذِّب ثم أُخْرِج مِنْ النَّار، وخُلِّد في الْجَنَّة. والله أعلم (٤).


(١) رواه أحمد (ح ١١٨٩٨)، والنسائي (ح ٥٠١٠)، وابن ماجه (ح ٦٠)، وقال مُحقّقو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٢) رواه البخاري (ح ٧٧٣)، ومسلم (ح ١٨٢).
(٣) قَاله العيني في عُمْدة القَاري (٢٣/ ٥٠).
(٤) المنهاج، مرجع سابق (٢/ ٩٧).

<<  <   >  >>