للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واقْتَصَر الرَّازي في آيَة "سبأ" على الإشَارَة إلى أنَّ سُلطان إبْلِيس لَيس بِمُلْجِئ، وإنَّمَا هُو آيَة وعَلامَة خَلَقَها الله لتَبْيِين مَا هُو في عِلْمِه السَّابِق (١).

ويَرَى ابنُ كثير أنَّ عِبَاد الله الذِين لَيس للشَّيْطَان عَليهم سُلْطَان هُمْ الذِين قَدَّر الله لَهُمْ الْهِدَاية، فلا سَبِيل لَه عَلَيهم، ولا وُصُول لَه إلَيهم (٢).

كما يَرَى أنَّ الاسْتِثْنَاء - في آيَة "الْحِجْر" - مُنْقَطِع (٣).

ونَقَل في آيَة "النحل" قَول الثَّوْرِي (٤): لَيس لَه عَليهم سُلْطَان أن يُوقِعَهم في ذَنْب لا يَتُوبُون مِنه.

ونَقَل عن آخَرِين قَولَهم: مَعْنَاه: لا حُجَّة لَه عليهم.

وعَن آخَرِين: كَقَولِه: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [الحجر: ٤٠].

(إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّونَهُ) قال مجاهد: يُطِيعُونَه.

وقال آخَرُون: اتَّخَذُوه وَلِيًّا مِنْ دُون الله.

(وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) أي: أشْرَكُوه في عِبَادَة الله، ويُحْتَمَل أن تَكُون الباء سَببية، أي: صَارُوا بِسَبب طَاعَتِهم للشَّيْطَان مُشرِكِين بِالله تَعالى.

وقال آخَرُون: مَعْنَاه: أنه شَرَكَهم في الأمْوَال والأوْلاد (٥).


(١) انظر: التفسير الكبير (٢٥/ ٢٢)، ومراده بقوله: "لتبيين ما هو في علمه السابق" أي ليظهر ما سبق به علمه السابق سبحانه.
(٢) ويشكل على هذا العموم أنه وصل إلى أفضل الخلق، كما سيأتي.
(٣) انظر: تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٨/ ٢٥٨، ٢٥٩).
(٤) هكذا عزاه ابن كثير، وسبق النقل عن القرطبي وقد عزاه إلى "ابن عُيينة" وأما ابن جرير فقد رواه عن "سُفيان" مهملًا.
(٥) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٨/ ٣٥٤) باختصار.

<<  <   >  >>