للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَمَا يَرَى أنَّ قَوله تَعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ) "مِثْل قَوله تَعالى: (وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ)، ومِثل قَوله لِمُحَمَّد صلى الله عليه وسلم: (وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ) [البقرة: ١١٩] (١).

أمَّا ابن كَثير فيَرَى أنَّ قَوله تَعالى: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) كَقَوْلِه: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) [القصص: ٦٥]، وقَوْله: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) [المائدة: ١٠٩]، فَيَسْأل اللهُ الأُمَم يَوْم القِيَامَة عَمَّا أجَابُوا رُسُلَه فِيمَا أرْسَلَهم بِه، ويَسْأل الرُّسُل أيضًا عن إبْلاغ رِسَالاتِه، ولِهَذا قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تَفْسِير هَذه الآيَة: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) قال: عَمّا بَلَّغُوا" (٢).

ثم اسْتَدَلّ على ذَلك بِمَا رَوَاه ابن مَردويه عن ابن عمر قَال: قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّكم رَاعٍ وكُلُّكُم مَسْؤول عن رَعِيَّتِه؛ فَالإمَام يُسْأل عَنْ رَعِيَّتِه، والرَّجُل يُسْأل عن أهْلِه، والْمَرْأة تُسْأل عن بَيْت زَوْجِها، والعَبْد يُسْأل عن مَالِ سَيِّدِه.

قال الليث: وحدثني ابن طاوس مِثْله، ثم قَرَأ: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ). وهذا الْحَدِيث مُخَرَّج في الصَّحِيحَين بِدُون هَذه الزِّيَادَة (٣).

وفي آية "الْحِجْر" ذَكَر ابنُ كثير سَبَب نُزُول الآيَة، ثم أوْرَد رِوَايَات تَنُصّ على أنَّ السُّؤَال عن كَلِمَة التَّوحِيد، وأوْرَد مَا رَوَاه الترمذي (٤).


(١) جامع البيان، مرجع سابق (٢٢/ ٢٣٠).
(٢) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٦/ ٢٥٩).
(٣) المرجع السابق (٦/ ٢٥٩، ٢٦٠) باختصار يسير.
(٤) المرجع السابق (٨/ ٢٨٠ - ٢٨٢)، وحديث الترمذي سبق تخريجه، وهو ضعيف.

<<  <   >  >>